(تنبيه: حكم مجانين أهل الحرب وأرقائهم وخناثاهم كصبيانهم، قال البلقيني: ومحل الإباحة إذا لم نستول على الصبي والمرأة ونحوهما، وإلا صاروا أرقاء معصومين لا يجوز قتلهم قطعاً لحق الغانمين) .

والحنابلة: جاء في المغني مع الشرح الكبير ج11 ص 79:

(وإن كان مباح الدم كالحربي والمرتد فذكر القاضي أن له قتله وأكله؛ لأن قتله مباح، وهكذا قال أصحاب الشافعي؛ لأنه لا حرمة له، فهو بمنزلة السباع، وإن وجده ميتاً أبيح أكله ... ) .

الترجيح:

وأرى ترجيح رأي الشافعية والحنابلة من حيث إنه إذا كان إنسان قد استحق القتل بسبب جرم ارتكبه، وكان هذا الحكم باتا، واجب التنفيذ، ولا طريق إلى إنقاذه من هذه العقوبة، لا بتوبة ولا بغيرها، فإنه يمكن عقب تنفيذ الحكم الانتفاع بأجزاء من هذا الإنسان ونقلها إلى إنسان آخر يوشك على الهلاك ـ كلًّا أو بعضاً ـ بشرط ألا تؤخذ هذه الأجزاء أثناء حياته ـ لأنها مُثلة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة، وإنما تؤخذ عقب تنفيذ الحكم فيه مباشرة.

ولا مانع من إجراء الفحوص اللازمة قبل تنفيذ الحكم لمعرفة ملاءمة هذا الانتفاع لإنسان ما، أو لغيره، أو عدم ملاءمته.

ويجب أن يكون هذا الأخذ في حال الاضطرار إلى إنقاذ نفس توشك على الهلاك كما سبق القول ـ وليس في حال الاختيار.

ويجب أن يكون كل ذلك تحت رقابة السلطة التنفيذية وتحت رقابة نخبة من الأطباء المسلمين الحاذقين.

وإجازة ذلك في حال الضرورة يحقق هدفاً كبيراً، وهو إحياء نفس توشك على الهلاك ببعض أجزاء نفس هالكة لا محالة.

وأن يوضع لذلك قانون ينظم كل ذلك ويعلن للناس جميعاً.

وقد يكون النص فيه على أن ولي الأمر يعتبر إذنه في أخذ هذا الجزء بمثابة الإذن من ولي الدم أكثر تحقيقاً للهدف حتى لا تضيع فرصة الانتفاع بهذا الجزء، ونظراً لتحلل بعض أجزاء الإنسان عقب موته بسرعة كبيرة.

وفي هذه الحالة إن لم يكن هناك إذن بذلك تضيع فرصة الانتفاع بهذا الجزء، وتضيع فرصة إنقاذ نفس من الهلاك.

وأيضاً فإن القول بجواز ذلك عند الضرورة لا يجعل للإذن دوراً كبيراً من الناحية الفقهية، فالضرورات تبيح المحظورات، ويتغاضى عن الإذن في هذه الحالة ـ كما إذا لم يجد سوى مال غيره لينقذ به حياته، فإن عليه أن يأكل منه أو يشرب ولو دون إذن ثم عليه الضمان على الخلاف في هذا الضمان وقد سبق التعرض لذلك.

وبترجيحنا هذا فإن الاختلاف بين الانتفاع بجزء الميت، وهذا الانتفاع بجزء من المستحق بجزء منه وملاءمته وعدم ملاءمته للحالات الاضطرارية الموجودة، أما في الحالة الأولى فلا يتيسر فيها ذلك؛ إذ قد تحدث فجأة، أو لا يرضى صاحبها بمثل هذه الفحوص، فضلاً عن أنها غير معروفة الأشخاص غالباً، أما الأخيرة فهم معروفون ويمكن تحديد زمن معين لتنفيذ الحكم فيهم بشرط ألا يضاروا من هذا الإرجاء، وألا يتخذوا مخازن للأعضاء الحية يلجؤون إليها متى شاؤوا ... بل هم لهم كل الحق في أن يكون تنفيذ الحكم فيهم في وقت لا يضر بهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015