وأما الثاني: وهو المال الذي يجب في أخذه عقوبة القطع فقد نقل القرطبي عن أبي عمر بأنه يجب أن يرد رمقه، وتنقذ حياته (أي المضطر) فقال: قال أبو عمر: (وجملة القول في ذلك أن المسلم إذا تعين عليه رد رمق مهجة المسلم وتوجه الفرض في ذلك، بأن لا يكون هناك غيره قضى عليه بترميق تلك المهجة الآدمية، وكان للممنوع منه ماله من ذلك محاربة من منعه ومقاتلته، وإن أتى ذلك على نفسه، وذلك عند أهل العلم إذا لم يكن هناك إلا واحد لا غير، فحينئذ يتعين عليه الفرض.

فإن كانوا كثيراً أو جماعة وعدداً كان ذلك عليهم فرضاً على الكفاية، والماء في ذلك وغيره مما يرد نفس المسلم ويمسكها سواء إلا أنهم اختلفوا في وجوب رد قيمة ذلك الشيء على الذي ردت به مهجته، ورمق به نفسه، فأوجبها موجبون، وأباها آخرون، وفي مذهبنا (المالكية) القولان جميعاً.

(ولا خلاف بين أهل العلم متأخريهم ومتقدميهم في وجوب رد مهجة المسلم عند خوف الذهاب والتلف بالشيء اليسير الذي لا مضرة فيه على صاحبه، وفي البلغة) (?) .

ومن هذا النص يتبين لنا أن المضطر إلى الأكل من مال الغير عليه أن يرد رمقه، وينفذ نفسه بالأكل من مال الغير، وعلى الغير أن يقدم ذلك له. وأن المضطر يجوز له أن يقاتل من لديه مال زائد عن حاجته يمتنع عن تقديمه له حتى ينقذ نفسه، إلا أنه لا يقاتله بسلاح لمكان حق الملكية الثابتة له على ماله.

- كما يقول الحنفية ... وإن حق صاحب المال ينتقل بعد ذلك إلى قيمة ما أكله المضطر من ماله فيلزمه فيمته عند جمهور الفقهاء احتراماً لحق الملكية ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015