الرئيس:
شكرا، في الواقع بعد أن حصل التساؤل هل المراد في حقيقة العقد الإجارة أو لا؟ لا شك أنه يظهر لي أنه اتضحت الرؤيا في تجلي هذه الحقيقة لكن يبقى سؤال واحد وهو من باب التقعيدات الشرعية، هل يعرف من قواعد الشرع تشريع العقود الوهمية التي ظاهرها السلامة للتوصل إلى مثل هذه المعاملات، لأننا إذا نظرنا إلى أحكام التشريع كما في عقد المحلل والعينة، وما جرى مجرى ذلك، نجد أن الشرع لم يعد يجيزها مع أن عقد التحرير ظاهرة الصحة فهو عقد لولي وشاهدين إلى غير ذلك، فالمسألة تنطلق من تقعيد شرعي هل في الشريعة قاعدة تجيز العقود الوهمية للوصول إلى مثل هذه المعاملات أم لا؟ هذا في الحقيقة إذا رأي أصحاب الفضيلة أن يغطى بمداولات أن رأوها جديرة.
الشيخ عبد الله بن بيه:
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
أولا: أعتقد أن الصيغة التي بين أيدينا يجب أن نحللها إلى جملة من العناصر:
العنصر الأول: يتعلق بالتوكيل، وكما قال الشيخ عبد الله البسام: هذا عنصر ينبغي أن ينظر فيه فإن كون اليد قابضة دافعة مسألة من المعروف أنها لا تنبعي وإن كانت مبنية على قاعدة من قواعد الخلاف، وهي: تقبض اليد وتدفع معا، لأن المستأجر هنا قبض ودفع لنفسه كان وكيلا في بداية الأمر ثم تحولت النية وهي قاعدة أيضا أخرى ليصبح قابضا لنفسه هذه النقطة الأولى.
ويجب أن نتجنب، إذا كان ذلك ممكنا، بأن يوكل شخص آخر على القبض أو يأخذ البنك أو يقبض البنك بنفسه.
المسألة الثانية: مسألة الإيجار جائزة، الإيجار جائز يبقى العنصر الثالث الذي يؤثر على العنصر الثاني وهو وعد بالهبة، هذا الأمر ليس خطيرا أن يعد شخص شخصا بالهبة إذا فعل أمرا معينا، يمكن أن يخرج على وجهين: أن تكون إجارة وجعالة أو أن تكون إجارة، وهبة، بمعني: أن شخصا يقول لشخص إذا فعلت كذا فإني أهبك كذا، ويكون هذا الوعد ملزما على مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى، الذي يرى إلزام الوعد إذا اشتمل على توريط كما يقول خليل: وابن الوعد أن ورطها، إذا وعدها بالخلع ثم باعت دارها لذلك فإن الوعد يكون ملزما، وهو الذي قال فيه الزقاق:
فيجب الوفاء بالوعد نعم
أو لا نعم لسبب وإن لزم
أي إذا كان يوجد سبب فهذا هو قول تفصيلي يكون الوعد لازما، ولمالك مستند من كتاب الله من قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ومستند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أنه وصف المنافق بأنه إذا وعد أخلف، فالعدة لازمة ولا أرى ضررا ولا محظورا في هذه المعاملة بهذا الشكل، نحن نعرف أن المحلل لم ينفق الفقهاء على فسخ نكاحه إذا تزوجها بعد المحلل لم يتفق الفقهاء على فسخ نكاح المحلل لم يتفقوا على فسخه، مالك قال بالفسخ، وقال غيره أبو حنيفة بعدم الفسخ على تقي، قال بعدم الفسخ في نكاح المحلل اعتبروا أن لعن النبي صلى الله عليه وسلم هو دليل على أن الفعل حرام وحرمة الفعل لا تدل عند أبي حنيفة على بطلان العقد، إذن بالرجوع إلى هذه العناصر وخصوصا بالرجوع إلى روح القضية وهي محاولة بالمصالحة بين الوضع الذي نعيش فيه والذي زج بنا فيه لأسباب خارجة عن إرادتنا لأننا نعيش ضمن عالم لا نتمكن من فرض إرادتنا، كما قلنا مع الأسف بالنظر إلى شيء من هذا يمكن أن تعتبر المعاملة سليمة إذا سلمت من العنصر الأول الذي يتعلق بعنصر التوكيل، وشكرا.