الدكتور عبد السلام العبادي:

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا سمح لي السادة العلماء أريد أن أعود بالمسألة إلى أصلها، لماذا جرى التفكير بمثل هذه الصيغ وطرحت للعمل في بعض المؤسسات أو للنقاش في بعض المحافل العلمية، صيغة التمويل المطروحة في البنوك الربوية هي صيغة القرض الربوي يدفع البنك مبلغا من المال ويشترط على المقترض دفع نسبة معينة متفق عليها مسبقا تدفع للممول بصرف النظر عما سيؤول إليه المشروع ودون أن يتحمل الممول أي مسئولية أو أي مخاطرة.

في الاقتصاد الإسلامي الصورة المقابلة في مجال التمويل تقوم على ضرورة اشتراك صاحب المال في المسؤولية كمبدأ عام وتعرضه للمخاطرة مع صاحبه مع العامل أو المقترض ما هنا جرى بحث في تخريج صيغ للوصول إلى معاملات إسلامية جديدة تستخدم ما هو متاح في الفقه الإسلامي من صيغ تعامل فقهي وتحاول أن تطور في هذه الصيغ ضمن المبدأ الأساسي المقرر.

وهو أن صاحب المال لا يجوز أن يتقاضى فائدة مقطوعة ينالها بصرف النظر عن نتيجة المشروع التي هي لب وأساس الفكرة الربوية، ومن هنا هذه الصيغة المقترحة بيننا أمامنا كان في أصل الصيغة شرط يحمي الممول من المسؤولية وهي أن يتحمل المستأجر المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها العين محل الإجارة ويتحملها المستأجر وليس المؤجر، جاء تعديل اللجنة تعديلا صائبا لهذه المعاملة إذ حملت عملية أي مخاطر تتعرض لها العين المستأجرة للمؤجر الذي هو في الأصل الممول لأن هي كل الصيغة في الأساس هي اقتراح لصيغة جديدة على أساس جملة قواعد في الفقه الإسلامي شريطة عدم الوقوع في المحظور وهو الربا، لأن الأساس حتى في تحريم الشروط في الشريعة الإسلامية عندما ركز هو عدم الوقوع في المحاذير، ليس فكرة الشرط حتى عند الحنفية الذين تمسكوا بظاهر هذا الحديث استثنوا بعض الشروط عندما تم التيقن بأن ليس هناك وقوع في الحرام ضمن المفهوم الذي قدموه، فلذلك ما دامت هذه الصيغة بصرف النظر عن مكوناتها التفصيلية، ما دامت لا تؤدي في تفصيلاتها ولا في نتائجها إلى الوقوع في الحرام، سواء كان الحرام الربوي أو أي حرام آخر، نصت عليه الشريعة بشكل محدد، التوجه عند اللجنة كما هو ظاهر إلى إجازتها، ونقتها مما كان يمكن أن يوقعها في أشكال الربا عندنا هنالك نوع من حماية المؤجر من أي مسؤولية يمكن أن يتعرض لها في هذا المجال، يعني يصير في هذا المجال، يعني في الواقع أن دفع قرض الراغب في العملية التمويلية وتقاضي عليه فائدة، التي هي الربح الذي حسبه في قضية الإجارة وخلا من أي مسؤلية تحميله إلى هذه المسؤولية، في الواقع هو الذي أعاد الصيغة إلى جوازها، وأظن أن القضية إذا نظر لها على أساس أننا نطرح صيغا اجتهادية جديدة بديلة للتعامل الربوي، وتخلصنا من مشكلاته ضمن هذا الإطار لا بد من التوجه وإلا كما قال الإخوان: ليضرب صفحا عن كل هذه المحاولات ونترك العملية الاستثمارية في أبعادها الخطيرة الاقتصادية، نتركها من أي تدخل إسلامي ولتسر الدنيا كما تريد ولا نريد أن نواجه هذه الظروف الاقتصادية المعقدة بحلول إسلامية لا يمكن أن نأتي إلى معالجة طرحت في ظل فقهنا الإسلامي في ظرف من الظروف ونأتيها إلى هذا العصر بتعقده الاقتصادي ونقول: نريد أن نأخذ هذه الصيغة كما هي ونقدمها كيف؟ لا بد في الواقع من أن ننحت ونخرج صيغا جديدة نتحاشي فيها الوقوع في المحاذير الشرعية كونها لم تعهد في فقهنا الإسلامي سابقا، لا يعني أنها ممنوعة المهم أن يؤتى بدليل يقول: إن هذا الأمر يوقعنا في الحرام والحرام المقطوع به وفق كذا وكذا، عند ذلك نمتنع، أما أن يقال: إن الأمر يقترح صيغة جديدة، ولم لا يقترح صيغة جديدة؟ فليقترح صيغة جديدة ما دام أننا نتاحشي الوقوع في الربا، وشكرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015