الشيخ محمد علي التسخيري:

بسم الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه.

الحقيقة النقطة التي ركزت عليها في بحثي هي التأمين الصحي الذي يركز على دفع المؤسسة التأمينية أو القيام بالنفقات لقسط معين مما يتطلبه العلاج.

يعني (80 %) أو (60 %) أو ما أشبه ذلك ولا يسرى دفع كل العلاج؛ لأنه في العادة يجعلون هناك قسطًا لئلا يتساهل أو يتمارض أو ما إلى ذلك، لكي يتحمل هو قسطًا. وهو أمر بعيد عن التأمين على المرض، أو التأمين على الموت وأمثال ذلك، هذا انتهينا من بحثه.

المشكلة الأساسية كما أشار العلماء هي الغرر، ورغم أن النص الوارد في الغرر هو نص يختص بالبيع، ولكن العلماء قد تم بينهم على التعميم لباقي العقود، والتسامح في عقود التبرع والتعاون.

أذكر أنني في بحث التأمين كنت من القائلين بجوازه أصلًا واعتبرته عقدًا عرفيا مشبوهًا بـ (أوفوا بالعقود) وقواعد الصلح والهبة والضمان، ولكن قرر المجمع منع التأمين، ومع البناء على قرار المجمع أقول: هنا خصوصية وأخاطب بها شيخنا العزيز علي السالوس، هنا خصوصية دعت المجمع لبحث هذا التطبيق، هذا التطبيق طبيعته حتى لو كانت مع مؤسسة تجارية، طبيعته تعاونية، وطبيعته تجري لخدمة الأمة والأفراد حتى كما قلت: لو كان مع مؤسسة تجارية فهذا المصداق ليس تكرارا، وليس تطبيقًا لقاعدة انتهينا منها في بحثنتا للغرر؛ وأعتقد أن هناك نوعًا من قلة البحث في مسألة الغرر، والغرر قاعدة ضخمة تمشي معنا في مختلف العقود وخصوصًا المستحدثة، ولذلك دعوت إلى البحث فيها أكثر.

الغرر المنهي عنه ليس كما تصور البعض مطلق الجهالة، وإنما ما انتهينا إليه إنما هو نوع فاحش منها متجاوز للحدود الطبيعية يجعل العقد كالقمار، ويؤدي للنزاع في المعاملة ـ كما أشار الدكتور القره داغي وأكد الحنفية على ذلك الغرر المؤدي للنزاع في المعاملات هو الغرر الذي انتهيت إليه. والحالة هنا ليست كذلك، بمعنى أنها لا تؤدي للنزاع في المعاملة خصوصًا بعد دراسة الحالة والدقة ووضع الشروط اللازمة وإبقاء ... وهنا ذكرت بحثًا أصوليًا أرجو التركيز عليه.

يعني علماء الأصول يقولون: لو فرضنا جاءنا أمر عام: أكرم العلماء، وجاءنا أمر مخصص: لا تكرم الفساق منهم، وشككنا في أني الفسق هل هو حالة عامة يشمل مرتكبي الكبيرة والصغيرة، أو أنه يقتصر على مرتكبي الكبيرة؟ هنا لو أن عالمًا ارتكب قضية صغيرة، ذنبًا صغيرًا فماذا نفعل؟ هل يشمله (أكرم) ، أو يشمله (لا تكرم) ؟ هنا يقول العلماء بجواز التسمك بالعام في الشبهة المفهومية للخاص المنفصل عن العام. هذه قاعدة؛ لأن العام انعقد له ظهوره فهو مقتض في كل مصاديقه، الذي يخرج من هذه المصاديق يجب أن يكون دليلًا متيقنًا، والخاص إذا كان هناك شبهة في مفهوم إنما يخرج بمقدار القدر المتيقن، ويبقى غير المتيقين على عموم العام، هنا عندنا عموم {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ، هذا العموم محكم في كل العقود العرفية، وهذا العقد عرفي. وعندما خاص منفصل، هذا الخاص يخرج العقود الغرورية، ونحن نشك في الغرر بين الغرر الكثير ومطلق الغرر، يعني بين قدر متيقن وبين قدر أوسع، الذي يؤثر في مورد الشك هو القدر المتيقن من الغرر يستطيع أن يمنع شمول {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} لذلك العقد. والغرر هنا لا نراه فاحشًا وعلى الأقل نشك في شمول حكم الغرر له. وحينئذ تأتي القاعدة الأصولية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015