ومذهب الشافعية عدم جواز التوقيت إلا إذا ذكر الواقف مصرفاً، مثل: وقفت هذا العقار على فلان حياته، وعدم جواز الخيار فيه، ومذهب الحنابلة وقوعه منجزاً وعدم جواز التوقيت والخيار، والأصل في هذا حديث ابن عمر أن عمر أوقف أرضاً، فشرط هو أو شرط النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تباع ولا توهب ولا تورث، إذ هو في المذهبين الأخيرين دليل وجوب إنجازه ولزومه وعدم تعليقه والخيار فيه، وهو في المذهبين الأولين دليل جواز الشرط، ويرشحه أن من تمام الحديث قول عمر: أن لمن وليه أن يأكل منه بالمعروف ويطعم غير متمول، لأن معناه جواز الشرط، والحديث مروي في الصحيحين وغيرهما.
وفي القول بعدم التأبيد والقول بحق الرجوع قبل إنفاذ الصدقة، وخاصة إذا صرح الواقف بالتوقيت تشجيع للواقفين على الوقف، وهو أمر يحقق مصلحة الواقف والفقراء، فالواقف يبتغي التنازل عن منفعة عقاره أو منقوله مدة معلومة ابتغاء الأجر، ويمنعه من ذلك الحكم بتأبيد وقفه وإبطال شرطه، ومصلحة الفقير والمحتاج الانتفاع ولو مدة محددة، ولا يكون هذا إلا بالعمل بشرط الواقف، وإجازة الوقف المؤقت وفقاً لمذهب المجيزين واجتهاد مجمع الفقه الإسلامي ينبغي أن يكون في هذا الاتجاه.
3- وقف النقود تناوله البحث مبيناً موقف المذاهب الفقهية منه لإشكالية عدم بقاء العين واستهلاكها، ومع الخلاف كانت نتيجة البحث القول بأن وقف النقود للسلف ينبغي أن يقرر، وذلك لأن الأموال وإن كانت لا تتعين فإن بدلها يتعين، ولكنه يلزم مع ذلك ضمان هذا الوقف بتأسيس صندوق للسلف الوقفي ضمن شروط الاستثمار الإسلامية.
4-حق الرجوع تناولها لبحث من وجهة نظر المذاهب الفقهية وخلافها حول مبدأ التأبيد وكون الوقف يقع منجزاً بلفظ الواقف أو كونه ينعقد منجزاً بشروط الحوز أو التسليم أو غيرهما من الشروط، فالمذهبان المالكي والحنفي يشترطان، والحنابلة والشافعية يرونه مؤبداً بمجرد اللفظ، والأصل في ذلك الحديث المذكور عن ابن عمر، وحديث: ((ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت)) .