ولعل ذلك وأكثر منه يتضح عند تركيزنا للعلاقة بين طبيعة الوقف والاستثمار في النقاط التالية:

يشترط في المال الموقوف أن يكون مالاً متقوماً، والمال هو كل ما له قيمة مادية وجاز الانتفاع به في حال السعة والاختيار (?) . واشتراط هذا الشرط الموقوف يدل على العلاقة بين الوقف والاستثمار من جهة أن الاستثمار لا يتم أصلاً إلا من خلال المال، ولهذا لم يجز الفقهاء وقف ما يتسارع إليه الفساد كالطعام والشراب (?) ، ولا وقف الشجرة الجافة، أو الدابة الزمنة لعدم الفائدة (?) .

وإذا أضحى الموقوف عديم الفائدة –بعد أن كان ذا فائدة- يباع، ويشترى بثمنه ما ينتفع به (?) ، أما المتقوم فيعني ما له قيمة في نظر الشارع، ومعيار التقوم أن يبيح الشارع الانتفاع به في حال السعة والاختيار لا في حال الضرورة فقط، فيخرج وقف المسلم الخمر فلا يجوز، لأنه لا قيمة له في نظر الشارع بالنسبة للمسلم، ومقتضى هذا الشرط حماية الاستثمار الذي ينبغي أن يدور في أموال يقرها الشارع، ولا يخالف التعامل بها النظام العام الذي جاءت به الشريعة الإسلامية.

ب- المال الموقوف إما أن يكون عقاراً، والعقار يمثل رأسمالاً ثابتاً، أو منقولاً يتأتى الانتفاع به مع بقاء عينه، وكل ذلك ينسجم مع طبيعة الاستثمار، وفي هذا يقول ابن قدامة في المغني: (وجملة ذلك أن الذي يجوز وقفه هو كل ما جاز بيعه، وجاز الانتفاع به مع بقاء عينه، وكان أصلاً يبقي بقاءً متصلاً كالعقارات والحيوانات والسلاح والأثاث وأشباه ذلك) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015