مشروعية الوقف:

الوقف مشروع بالقرآن والسنة وإجماع الصحابة، أما مشروعيته بالقرآن فتأتي من جهة دخوله في عموم الصدقات والتبرعات التي ندب إليها القرآن وحث عليها في آيات كثيرة مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] ، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف: 107] ، وقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] ، يروى أنه لما نزلت هذه الآية قال أبو طلحة: إن ربنا ليسألنا عن أموالنا فأشهدك يا رسول الله أني جعلت أرضي لله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعلها في قرابتك؛ حسان بن ثابت وأبي بن كعب)) (?) .

ومثله فعل زيد بن حارثة فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرس كانت أحب أمواله إليه، فقال: هذا في سبيل الله، فقال صلوات الله وسلامه عليه لأسامة: ((اقبضه)) . فكأنه وجد من ذلك في نفسه، فقال رسول الله: ((إن الله قد قبلها منك)) (?) .

وفي هذا يقول القرطبي وهو يتناول تفسير هذه الآية: "ففي هذه الآية دليل على استعمال ظاهر الخطاب وعمومه، فإن الصحابة –رضوان الله عليهم أجمعين- لم يفهموا من فحوى الخطاب حين نزلت الآية غير ذلك، ألا ترى أن أبا طلحة حين سمع الآية لم يحتج أن يقف حتى يرد البيان الذي يريد الله أن ينفق منه عباده بآية أخرى أو سنة مبينة لذلك" (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015