لقد رأت العلمانية أن كل مخطط من مخططات الحياة الإنسانية في جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية.. يجب أن يصدر عن عقل الإنسان المجرد عن رواسبه التي هي نتاج تفاعل مادي مع وقائع مادية، وهذا يؤكد على أن العقل لا يستطيع وحده أن يدير السلطة وشؤون العالم.

ويتضح من هذا أن العلمانية تجعل الدين شأنا منقطعًا عن شؤون الحياة، فالدين لله، وللفرد أن يرسم هذه العلاقة ويحددها بمعزل عن هموم الحياة.

إذ لابد من الإحاطة بالدولة لتحل محلها الشركات العابرة للقارات، بما تمتلكه من مليارات الدولارات والجنيهات والتوظيفات والامتيازات التي تدخل من أبواب كثيرة أشهرها السوق الحرة، وحرية انتقال رؤوس الأموال وتوظيف العمالة مما يجعل الدولة وبخاصة فيما يسمى بدول العالم الثالث شريكًا سالبًا في هذه العملية، حيث تشترط الدول القوية شروطًا ظالمة منها إغلاق بعض المصانع أو الشركات أو تخفيض العملة، حتى تحصل على بعض القروض أو الإعانات. وهذا ما حصل فعلًا في أندونيسيا من تخفيض العملة وما صاحبه من أحداث لا تخفى عليكم.

إن فصل الدين عن الدولة يجعل رجال السياسة بدون أخلاق همُّهُم الوحيد الوصول إلى الغايات بغض النظر عن الوسائل، أما في الإسلام فالوسيلة والغاية متلازمتان، بروح من الفضيلة وإعلاء شأن الإنسان؛ فالإنسان في هذا الكون موضع عناية واهتمام، لا يجوز امتهانه أو إذلاله، ولعل قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في هذا الشأن مازال يجلجل في أعماق التاريخ:

(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا) .

إن المسلمين يرون بأن عهود الإسلام كانت عهود التنوير، عهود البزوغ الحضاري، وأنهم بدون الإسلام ما كانوا يرتقون، وأن نوابغهم قد ظهروا في رعاية الإسلام وتعاليمه، وأن الإنسانية قد كسبت بالإسلام أكثر مما كسبته خلال عهود التاريخ السابقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015