وأخذ الناس يتحدثون: هل لنا أن نوقف العلم؟
أولًا: إنه فرق عظيم بين حرية البحث الذي يسعد الإنسان، والبحث المدمر للإنسان، إنه ليس السلطان الغيبي الذي لا يعطيه العلمانيون أية قيمة هو الذي يصرخ بالمنع، ولكن إلى جانب ذلك الإنسانية يعلو صوتها مستغيثة من تمرد التجارب اللامسؤولة ودخولها نطاق الإنسان ذاته لتحطم عزته وحقوقه، فليست وصاية على العلم، لكن تبصير العلم بحدوده حتى لايدمر نفسه ويدمر الإنسان معًا، هذا الإنسان الذي يكمن سر إنسانيته في كرامته، وذهاب كرامته معناه ضياعه وضياع مكاسب الإنسانية التي جاهدت وما تزال تجاهد في الحفاظ عليها، والتي تعتبر كل المكاسب الحضارية الأخرى متفرعة عنها ومنبثقة منها.
فاتخاذ نسخة موازية للتوأم والاحتفاظ بها لتكون رصيدًا لقطع الغيار لأخيه التوأم إهدار للقيمة الإنسانية التي يتساوى فيها المولود والمجمد يوم أخذت نسخته فأودعت الرحم، وأودعت الأخرى التبريد الآزوتي، وصورة أخرى: إذا كبر التوأم ولم يحتج إلى أخيه، فهل نحكم عليه بالإعدام أو نبقيه إلى أبد الآبدين، مع ما في التجميد من خطر الاختلاط؟ فقد أعلنت جريدة الفيفارو في سنة 1995، أن الخطأ في اللقائح المجمدة يصل إلى حدود 10 % في إنجلترا.
ثانيا: فإن الله لما كلف الإنسان بمهمة تعمير الكون خلقه خلقًا يمكنه من ذلك، فتعمير الأرض لا يتحقق الا بتوجه كل فرد إلى ما يلائم مواهبه وإمكاناته، هذه المواهب هي مختلفة، ولذا كان الاختلاف ضروريًّا لعمارة الكون، فلو اتحدت أذواق وعقول وميول البشر؛ لانصبوا على مكان واحد وعلى عمل واحد وعلى إنتاج واحد، الأمر الذي يساوي في الحقيقة التعطل العام المطلق، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} .