أما الاستنساخ في عالم النبات فقد فتح أبوابًا للعلماء للحصول على الفسائل بأقصر طريق وبأقل ثمن مع الاطمئنان على نوعية الأثمار وخصائص الشجرة التي ستكون كالأصل المأخوذة منه في قوتها ومقاومتها الأمراض ووفرة عطائها ومذاقها، وفي هذا الميدان فإن الأمر الهام هو تكوين المختصين في البحث، وتمويل المخابر العلمية، وحفز الهمم للمضي قدمًا في هذه السبيل، فصيحات الفزع من الانفجار السكاني العالمي والخوف من المجاعات ومن اختلال التوازن بين عطاء الأرض والأفواه قد تصبح رؤى أحلام تبددها خصوبة يقظة العلم تحقيقًا للإرادة الإلهية، ولإذنه السامي في تسخير الأرض للإنسان في حياته الدنيا.
الد ائرة الثانية: الاستنساخ الحيواني:
وقد ظهرت هذه النعجة (دولي) وأثارت سيلًا عارمًا من الأسئلة فكان السؤال الأول: هل يعتبر هذا العمل تحديًا للقدرة الإلهية؟ هل أصبح الإنسان خالقًا، خلق خلقًا كخلق الله؟
هذه القضية التي تحدى بها القرآن الذين اتخذوا آلهة من دون الله {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} ، فالقرآن يؤكد في غير ما آية هذه الحقيقة التي هي عجز كل مخلوق أن يقدر على الخلق وها هو الإنسان قد وصل إلى الخلق!
إن تصور ما قام به هؤلاء العلماء أنه خلق هو تصور خاطئ ينبئ عن سذاجة من توهمه، ذلك أن غاية ما قاموا به أنهم درسوا قوانين الخلق الإلهي ووعوها وقاموا بتطبيق ما علموا على ما عملوا، فهم لم يوجدوا خلية ولا نواة ولا كروموزوما، وليس لهم أي تحكم في قسر الخلية على الانقسام والتكاثر لمجرد الإرادة والتسلط، فهي سلسلة متتابعة في التوالد عرفوا كيف يدخلون عليها عوامل من خلق الله ليحدث ما يحدثه الله أرادوه أو لم يريدوه.
والسؤال الثاني في هذه القضية عن (دولي) : لماذا هذا المجهود؟ ولم تصرف هذه الطاقات البشرية؟ أليس هذا عبثًا؟
إننا لا نفهم القصد من هذا العمل إلا إذا نظرنا إليه من زاوية الربح المادي المترتب عن ذلك، إن هذه الحيوانات التي أمكن للعلماء أن يتدخلوا في خليتها الأولى بإبرهم المكروسكوبية قد تمكنوا حتى قبل هذه التجربة من أن يضموا إلى الكروموزومات جين إحدى البروتينات الصالحة لمعالجة بعض الأمراض، وأعطت هذه الحيوانات في ألبانها كمية كبيرة من هذه البروتينات وصلت إلى خمسين نوعًا في سوق الدواء كلها مستخلصة من ألبان النعاج والمعز، والخنازير، حتى قالوا إنها منجم لا ينضب لاستخلاص ما ينفع الإنسان ويداوي أسقامه، ولكن منظمة الصحة العالمية أيقظت العالم من مركز مسؤوليتها على الصحة العالمية إلى ما يمكن أن يصحب هذا المنهج في التحصيل على الدواء من مضاعفات سلبية قد تكون خطرًا على الإنسان.