وهاكم شهادة عادلة من رجل نشأ في هذه البيئة المتعفنة ثم هداه الله للإسلام، وهو الأستاذ (محمد أسد) الألماني الذي يقول: "لا شك أنه لا يزال في الغرب أفراد يعيشون ويفكرون على أسلوب ديني، ويبذلون جهدهم في تطبيق عقائدهم بروح حضارتهم، ولكنهم شواذ؛ إن الرجل العادي في أوروبا ديمقراطيا كان أو فاشيا، رأسماليا كان أو اشتراكيا، عاملا باليد أو رجلا فكريا؛ إنما يعرف ديناً واحدا، وهو عبادة الرقي المادي والاعتقاد بأنه لا غاية في الحياة غير أن يجعلها الإنسان أسهل، وبالتعبير الدارج: حرة مطلقة من قيود الطبيعة؛ أما كنائس هذا الدين فهي: المصانع الضخمة، ودور السينما، والمختبرات الكيماوية، ودور الرقص، ومراكز توليد الكهرباء؛ وأما كهنتها فهم: رؤساء الصيارف، والمهندسون، والممثلات، وكواكب السينما، وأقطاب التجارة والصناعة، والطيارون والمبرزون الذين يضربون رقماً قياسياً". (?) .

وفي هذا يقول المفكر الإسلامي الكبير الشيخ أبو الحسن الندوي: "وعلى كل حال فقد وقع المحذور وانصرف اتجاه الغرب إلى المادية بكل معانيها وبكل ما تتضمنه هذه الكلمة من عقيدة ووجهة نظر ونفسية وعقلية وأخلاق واجتماع وعلم وأدب وسياسة وحكم، وكان ذلك تدريجيا وكان أولا ببطء وعلى مهل، ولكن بقوة وعزيمة، فقام علماء الفلسفة والعلوم الطبيعية ينظرون في الكون نظرًا مؤسسًا على أنه لا خالق ولا مدبر ولا آمر، وليس هناك قوة وراء الطبيعة والمادة تتصرف في هذا العالم وتحكم عليه وتدبر شؤونه، وصاروا يفسرون هذا العالم الطبيعي ويعللون ظواهره وآثاره بطريق ميكانيكي بحت، وسموا هذا نظرا علميًا مجردا، وسموا كل بحث وفكر يعتقد بوجود آلة ويؤمن به طريقا تقليديًا لا يقوم عندهم على أساس العلم والحكمة، واستهزؤوا به واتخذوه سِخريا، ثم انتهى بهم طريقهم الذي اختاروه وبحثهم ونظرهم إلى أنهم جحدوا كل شيء وراء الحركة والمادة، وأبوا الإيمان بكل ما يأتي تحت الحس والاختبار ولا يدخل تحت الوزن والعد والمساحة، فأصبح بحكم الطبيعة وبطريق اللزوم الإيمان بالله وبما وراء الطبيعة من قبيل المفروضات التي لا يؤيدها العقل ولا يشهد بها العلم ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015