بحث أدلة هذه الأقوال وتمحيصها:

استدل أصحاب القول الأول بكثير من الأدلة من الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 118] ، فإنه دال بمنطوقه على إباحة أكل ما ذكر عليه اسم الله، ودال بمفهومه على المنع مما لم يذكر اسمه، وقوله سبحانه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] ، وهو دال بمنطوقه على المنع من أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، وبمفهومه على إباحة أكل ما ذكر اسمه عليه، فمنطوق كل واحدة من الآيتين يعضد مفهوم الأخرى، وقوله: {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] ، وهو زجر عن الامتناع عن أكل ما ذكر اسمه تعالى عليه.

وتعتضد دلالة هذه الآيات بدلالة الآيات الأخرى التي تدل على الأمر بذكر اسم الله حال التذكية، وعلى أن ذكر اسمه تعالى مطلب يرتبط بما أنعم به على عباده من بهيمة الأنعام، وهي قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] ، وقوله: {فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4] ، وقوله عزوجل: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28] ، وقوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج: 34] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015