ا- هل يشترط أن يكون المذكي عاقلا؟ اختلف في ذلك، وبناء على هذا الاختلاف اختلفوا في ذكاة المجنون والسكران والصبي، فأجازها الشافعية (?) وأجاز الحنفية تذكية السكران والصبي إن ميزا، ومثلهما المعتوه حال تمييزه، دون ذكاة المجنون ومن لا يميز من السكارى والصبيان والمعتوهين (?) ،ومنع الحنابلة والمالكية ذكاتهم لكنهم قيدوا ذلك بعدم العقل (?) ، وهو قريب مما قاله الحنفية، ومنعت الظاهرية ذكاتهم مطلقا (?) ، وهو الذي ذهب إليه بعض أصحابنا (?) ، وأجاز بعضهم ذكاة الصبي بشرط التمييز والاختتان، وأكثرهم على منع أكل ذبيحة السكران والمجنون وإباحة أكل ذبيحة الصبيان بشرط التمييز وحده (?)

ومنشأ الخلاف هل النية شرط في صحة الذكاة؟ وذلك مبني على اختلافهم فيها هل هي من العبادات أو لا؟ وقد سبق ما يدل على أنها من العبادات، فالنية لا بد منها فيها، ومن أجل ذلك اتفق علماؤنا على منع ذبيحة السكران والمجنون، واختلفوا في إباحة ذبيحة الصبيان، وأكثرهم على إباحتها، لأنهم وإن لم يكلفوا بالعبادات إلا أنها تصح منهم، ولذلك جاء في السنة ما يدل على صحة إمامتهم في الصلاة كما في قصة عمرو بن سلمة الذي أم قومه وهو صبي، لكونه أكثرهم قرآنا، وكان ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (?)

ولئن جازت إمامته في الصلاة وهي أهم ركن عملي من أركان الإسلام فكيف لا تجوز ذبيحته؟ واستدل ابن حزم في منع ذبيحته وذبيحة السكران والمجنون بأنهم لا يشملهم خطاب الله تعالى بقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] ، وبأن الصبي لا يجوز إنكاحه لوليته ولا نكاحه ولا بيعه ولا ابياعه ولا توكيله، وأنه لا تلزمه صلاة ولا صوم ولا حج (?) وفي هذا الاستدلال نظر لا يتسع له المقام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015