أمر آخر، هل يجوز لولي المرأة أن يمنعها أو للحكومة أو الأولياء أن يمنعوا الرجل من الزواج من مصابة بالإيدز وهو سليم؟
نصوص الفقهاء تدل على أنه يجوز لولي المرأة أن يمنعها من الزواج بمرض معد سواء كان هذا الإيدز أو غيره، بل الإيدز من أولى الأمراض. وقد ذكروا في هذا مثل الجذام وغيره من الأمراض التي يخشى تعديها إلى غير الزوجين، أو إلى الأطفال، أو تحصل المعرة ولا شك أن الإيدز من أخطر الأمراض وأكثرها انتشارا.
والأمر الثاني وهو ما ينبغي التنبيه عليه هو ما يتعلق بالحكومات ومنعها السالمين من الزواج بالمرضى أو غيرهم.
جواز اتخاذ التدابير اللازمة المانعة من الحمل إذا أصيب أحد الزوجين.
عدم جواز إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه، وقبل نفخ الروح فيه على الراجح من أقوال أهل العلم. حيث إن نسبة إصابة الجنين لا تتجاوز 45 % فلا يجهض بسبب امر متوهم، ومن باب أولى بعد نفخ الروح فيه، فلا يصح بحال من الأحوال. وأما إن كان الخوف على الأم فلا يجوز أيضا لأنها مصابة، واحتمال إصابة الجنين قليلة، فلا تصح الجناية على من تغلب سلامته لحماية من أصيب وتحقق قرب هلاكه.
إرضاع الصبي من الأم المصابة حيث إن الفيروس موجود في لبن الأم فإن وجد بديل مناسب للرضاعة فلا يرضع من أمه، وإن لم يوجد بديل مناسب – فهذا قليل – أي عدم وجود بديل من الأغذية الصناعية قليل جدا فيرضع من أمه في البلاد الفقيرة التي لا يوجد فيها بدائل مناسبة لإنقاذ حياة الطفل الذي أمه مصابة بالإيدز.
حيث ظهر أن المعايشة ليست سببا في انتقال المرض فلا مانع من حضانة الأم المصابة للطفل السليم وإن كان هذا الأمر ما زال يثير في نفسي ما أشيع وما ذكر عن حالة الطفلتين اللتين من ألمانيا وانتقل المرض من إحداهما إلى الأخرى ولم يكن هناك سبب من الأسباب المعلنة عند الأطباء، فأرجو إعطاء تفسير لهذا الأمر.
جناية المريض وتسببه في إصابة غيره لها عدة صور مفصلة في توصيات الندوة فأحيلها إلى ذلك المكان. إلا أن مما ينبغي الاهتمام به في التوصيات الصادرة من الندوة الفقهية الطبية في الكويت مسألة من المسائل، فيما إذا نقل شخص المرض إلى شخص أخر بطريق التعمد ولم يمت، فقد ذكر في تلك الندوة أنه يعزر الناقل وإذا توفي المنقول إليه يكون لأولياء الميت هذا أو القتيل الذي قد جني عليه شخص يكون لهم الحق في الدية، وهذا أمر يحتاج إلى التريث وإعادة النظر فيه. وقد يكون الخطأ أو القتل بسبب تفريط الأطباء والممرضين والفنيين في مجال عملهم حين إجراء العمليات الجراحية ونقل الدم واستعمال الإبر. هذا أمر ينبغي كذلك أن يعطى حقه من الأهمية، وأن يعطى الحكم الشرعي فيه، حيث إن ما يحصل من الأطباء أو من كثير من الأطباء والفنيين والممرضين يعتبر وسيلة من وسائل التفريط، والمفرط كما يعلم ضامن، وهذا أمر يحتاج إلى زيادة اهتمام وعناية.