فإن كان قصد المتعمد إشاعة هذا المرض الخبيث في المجتمع فعمله هذا يعد نوعًا من الحرابة والإفساد في الأرض (?) ، ويستوجب إحدى العقوبات المنصوص عليها في آية الحرابة {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] .
وإن كان قصده من تعمد نقل العدوى إعداء شخص بعينه وكانت طريقة الإعداء تصيب به غالبًا، وانتقلت العدوى وأدت إلى قتل المنقول إليه يعاقب بالقتل قصاصًا.
وإن كان قصده من تعمد نقل العدوى إعداء شخص بعينه، وتمت العدوى ولم يمت المنقول إليه بعد، عوقب المتعمد بالعقوبة التعزيزية المناسبة. وعند حدوث الوفاة يكون من حق الورثة الدية.
وأما إذا كان قصده من تعمد نقل العدوى إعداء شخص بعينه، ولكن لم تنتقل إليه العدوى فإنه يعاقب عقوبة تعزيرية
ولم يذكر القرار المذكور حالة إصابة عدد من الناس بفيروس الإيدز نتيجة إهمال في فحص الدم – كما ينبغي بالطرق المعهودة – ولكن لم يكن هناك تعمد لإصابة أحد. وأنما حدث ذلك بسبب عدم أخذ الاحتياطات وإجراء الفحوصات اللازمة، كما حدث في المانيا حيث قامت شركة لبيع الدم بإجراء فحص (اليزا) المطلوب على عينات عشوائية من الدم المخزون لديها، ولم تفحص كل كيس من أكياس الدم على حدة وأدى ذلك إلى حدوث نتيجة سلبية لفحص اليزا (فحص للأجسام المضادة لفيروس الإيدز) ، وقامت الشركة بالتالي ببيع هذا الدم على اعتبار أنه دم نظيف بينما هو في الواقع يحمل فيروس الإيدز.
والمحاكمة للشركة لا تزال جارية وقد طلب المدعي العام توقيع عقوبة السجن (ما بين خمس وعشر سنوات) بتهمة الإهمال في إجراء الفحوصات بالإضافة إلى التعويض المالي لكل المتضررين والذين انتقل إليهم الفيروس.
ولا شك أن الشركة هذه أو الطبيب سيضمن في الفقه الإسلامي، لأن الخطأ قد وقع بسبب إهمال في مثل هذه الحالة ولم يتم إجراء جميع الفحوصات المطلوبة. والضمان على عاقلة الطبيب فيما زاد على ثلث الدية كما هو مقرر في كتب الفقه (?) .