وقد جاء هذا الفهم من ظاهر عبارات فقهاء الحنابلة كما في المغني، والمبدع، وفتاوى شيخ الإسلام.

والتحقيق أن للإمام رحمه الله روايتين في علة الربا في الذهب والفضة، هما: الوزن والجنس، والثمنية. وذكره فقهاء الحنابلة من الروايات الثلاث هو علة الربا بعموم، يشترط الذهب والفضة، والأصناف الأربعة في اثنتين، وتستقل الأصناف الأربعة بالرواية الثالثة (?) . يؤيد هذا أن ابن القيم عندما تكلم عن علة النقود ذكر هاتين الروايتين فقط (?) . يقول ابن قدامة: (روي عن أحمد في ذلك ثلاث روايات، أشهرها أن علة الربا في الذهب والفضة كونه موزون جنس، وعلة الأعيان الأربعة مكيل جنس) (?) .

(والرواية الثانية، إن العلة في الأثمان الثمنية، وفيما عداها كونه مطعوم جنس) (?) .

(والرواية الثالثة؛ العلة فيما عدا الذهب والفضة كونه مطعوم جنس مكيلا أو موزونا) (?) .

فقصر علة الربا في الذهب والفضة على الروايتين الأولى، والثانية، أما الثالثة فمختصة بالأصناف الأربعة.

وقد فسر بعض فقهاء الحنابلة الثمنية بالثمنية الغالبة فتختص بالذهب والفضة؛ مضروبه، وتبره، وحليه، ونحوه، وهنا تكون علة قاصرة عليهما، منهم أبو الخطاب الكلوذاني (?) . ومنهم من فسرها بالثمنية المطلقة، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم (?) ، وأبي الخطاب، حيث قال في (الانتصار) عند الجواب عن الفلوس: (ثم يجب أن يقولوا إذا نفقت حتى لا يتعامل إلا بها إن فيها الربا، لكونها ثمنا غالبا) (?) وقال في التمهيد: (من فوائدها ربما حدث جنس آخر يجعل ثمنا، فتكون تلك علة) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015