والمجمع هو العدة لمواجهة التحديات التي يلاقيها المسلمون اليوم، وليواكبوا – بعقيدة راسخة الجذور وعقلية مستنيرة متفتحة – التطور العالمي السريع والاكتشافات العلمية المتلاحقة والتقدم التقني المذهل. ولقد بعث المجمع الأمل في تجميع الطاقات الفكرية للتغلب على التحديات والحفاظ على الهوية والقيم الإسلامية الخالدة التي أخذ يهددها استشراء الطغيان المادي في هذا الزمان.

ولقد حاز المجمع ثقة الأمة، يوم أعربت الدول الأعضاء لمنظمة المؤتمر الإسلامي عن اقتناعها بمسيس الحاجة إليه، وعبرت عن تقديرها للأهداف العلمية والعملية المنوطة به.

ولقد شفعت هذه الثقة بترشيح نخبة مختارة لعضوية المجمع من العلماء والفقهاء المبرزين، ذوي الشهرة والدراية الواسعة، ومن المفكرين اللامعين.

وقد شُدَّ عضد المجمع – بحمد الله – بكوكبة من الأعيان، فأعان مجلسه أعضاء مراسلون، وخبراء باحثون، وعلماء جامعيون، يساهمون في الاضطلاع بالدراسات والبحوث العلمية، والاجتهاد في حمل ما يعرض للعالم المعاصر من قضايا ومشكلات على هدي الشريعة السمحة، وأصولها المقررة، وما تقتضيه قواعد الدين ويحقق مقاصد التشريع للمسلمين.

أصحاب الفضيلة والسعادة‍..

تعلمون أن الإقدام على إنشاء بنك إسلامي للتنمية، كان خطوة رائدة وبالغة الأهمية. وكانت لجهود البنك – منذ مستهل أيامه – ولحكمة القائمين عليه وعمق إيمانهم برسالته، آثار حاسمة فيما تلا إنشاءه من إنجازات. فلم يسلم حبور الرعيل الأول بميلاد هذا الصرح من مخالطة خوف شديد من أن تجهضه العوائق، وتئده العراقيل، وأن تعجزه عملية المواءمة بين متطلبات الإنماء الاقتصادي الحديث، ومقتضيات الأحكام الشرعية. ولقد زاد من هذا الخوف لدى الغيورين على المؤسسة، ما ألقي من شكوك لدى هؤلاء وأولئك، كادت تقضي على الأمل الوليد.

وحري بنا اليوم شكر المنعم، جل شأنه، على أن اجتاز البنك هذا الاختبار بنجاح مشهود، إذ اضطلع بعمل رائد غير مسبوق، قام فيه باستنباط صيغ تمويل تتلاءم مع طبيعته المتميزة، والتزامه الراسخ بأحكام الشريعة الإسلامية. فالبنك – يوم ولد – لم يكن أمامه نموذج يقتدي به. فكان لزاما عليه أن يبحث في فقه المعاملات عن العقود الشرعية التي يمكن أن يطور على أساسها أساليب تمويلية تستجيب لمتطلبات العمل المصرفي المعاصر.

ولم يأل البنك جهدا في سبيل تحقيق هذه الغاية، فساهمت مجهوداته البحثية الدؤوبة في بلورة تلك الصيغ التمويلية المستحدثة، وإنها لمناسبة ينبغي اغتنامها للتعبير عن خالص امتنان البنك الإسلامي للتنمية لأولئك العلماء الأفاضل الذين استجابوا لندائه، وبذلوا جهدا غير مكفور لمساعدته في تطوير آليات التمويل الإسلامية، وأناروا له الدرب في مرحلة حاسمة من حياته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015