كما لا يفوتني أن أجزل الشكر لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ محمد بن أحمد حسن الخزرجي ومعاونيه الأكفاء على تعاونهم المخلص والبناء مع صاحب الفضيلة معالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة، الأمين العام للمجمع ومساعديه، من أجل توفير حظوظ النجاح لهذا اللقاء الإسلامي الهام.

كما أوجه كلمة شكر صادقة إلى فضيلة رئيس مجلس المجمع معالي الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، على حرصه الأكيد أن يكون المجمع في مصاف المؤسسات الإسلامية الرائدة.

صاحب السمو،

أصحاب السمو والمعالي والفضيلة،

أيها الإخوة،

إن الإسلام يحمل في جوهره رسالة إنسانية شاملة، جامعة تتعدى إطار الزمان والمكان جاء لإيجاد الحلول الملائمة لمشاكل الإنسان، وميزة هذا الدين العظيم هو الاعتدال والوسطية، يساير التطور البشري وسنن الكون، لا يجمد، ولا يتقوقع على نفسه، ولا يعرف التعصب والتفرقة بين الناس، فأينما وجدت مصلحتهم فثم شرع الله، كما عبر عن ذلك أحد أئمتنا الأجلاء، إنه لا يخشى التيارات الفكرية ولا النظريات الفلسفية التي عرفتها الحضارات الإنسانية قبل مجيئه، بل استطاع استيعابها ليخرج بحضارة إسلامية أصيلة تعتبر خلاصة لمسيرة الحضارة الإنسانية منذ الخلق.

وإذا عرف هذا الفكر الإسلامي الوثاب بعض النكسات في مرحلة معينة من تاريخه الطويل، فهذا لا يرجع إلى طبيعته ولكن مرده إلى جملة من الظروف الغريبة عنه وعن روحه السمحاء مما أدى إلى تشتت شمل المسلمين وبداية عهد الانحطاط.

صاحب السمو،

أصحاب السمو والمعالي والفضيلة،

أيها الإخوة،

لقد مضى اليوم أكثر من عقد على إنشاء مجمع الفقه الإسلامي والذي يعقد دورته التاسعة بمشاركة هذه النخبة من فقهائه وعلمائه في جميع الاختصاصات، وكان الهدف من تأسيسه هو دراسة كل مستجدات الحياة وما تفرزه الحضارة المعاصرة من مشاكل تفرض نفسها على المجتمع الإسلامي في جميع الميادين سواء كان ذلك يتعلق بالعبادات أو المعاملات، وكان لا بد لمواكبة العصر أن يعد لها هذا المجمع الجليل الحلول الملائمة، ويعطي الحكم الشرعي فيها، وهكذا كان نشاط هذه المؤسسة الرائدة حافلا منذ تأسيسها، فاستطاع أن يعالج مسائل كثيرة تتصل بحياة المسلم اليومية.

وإذا ألقينا نظر خاطفة على جدول أعمال هذه الدورة نجد أن القضايا التي تثار فيه تمس أكثر نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المسلم في حياته اليومية، تبدأ من سد الذرائع، ومبدأ التحكيم، مرورا بالودائع المصرفية حتى المفطرات في مجال التداوي، بحيث يمكن أن نقول أن هذه القضايا التي تطرح نفسها الآن على علماء الإسلام وفقهائه لم تكن مطروحة في الأزمنة الماضية، فالتكفل بها وتقويمها والاجتهاد في الحكم فيها ضرورة حتمية إذا أردنا أن نواجه التحدي الذي تفرضه علينا الحضارة المعاصرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015