أما النوع الأول: فهو العبادات المحضة، وهذه يجوز فيها التلفيق للضرورة أو للحاجة؛ لأن مناطها امتثال أمر الله تعالى والخضوع له مع عدم الحرج، فينبغي عدم الغلو بها؛ لأن التنطع يؤدي إلى الهلاك.

أما العبادات المالية، فإنها مما يجب التشدد بها احتياطا، خشية ضياع حقوق الفقراء، فينبغي على المزكي ألا يأخذ بالقول الضعيف، أو يلفق من كل مذهب ما هو أقرب لإضاعة حق الفقير. وعلى المفتي أن يفتي في هذا النوع بما هو الأحوط والأنسب، مع مراعاة حال المستفتي، وكونه من أصحاب العزائم أم لا.

وأما النوع الثاني: فهو المحظورات، وهي مبنية على الاحتياط والأخذ بالورع (?) أو التلفيق إلا عند الضرورات الشرعية؛ لأن الضروروات تبيح المحظورات، وورد في الحديث الصحيح: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)) (?) فالأمر قيده بالاستطاعة، والنهي أطلقه، لدفع ضرر المنهي عنه.

وكون المحظورات لا يسوغ فيها التلفيق؛ لأنها مبنية على الورع والاحتياط، مستند إلى حديث ابن مسعود: ((ما اجتمع الحرام والحلال، إلا غلب الحرامُ الحلالَ)) (?) وحديث ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) (?) .

وأما أن المحظورات المتعلقة بحقوق العباد لا يجوز فيها التلفيق؛ فلأنها قائمة على أساس صيانة الحق ومنع الإيذاء أو العدوان، فلا يباح التلفيق فيها؛ لأنها نوع من الاحتيال للاعتداء على الحق وإضرار العباد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015