الشيخ مصطفي الزرقاء:
بسم الله الرحمن الرحيم.
إخواني الأساتذة الكرام، أنا لا أريد أن أكرر أو أخوض في الموضوعات الأساسية التي عرضها الأساتذة الكرام وأوفوا فيها على الغرض، ولكني أريد أن ألفت الأنظار إلى ناحية هي في ذاتها فرعية من مئات فروع قاعدة الغزو الفكري وأساليبه ووسائله، ولكنها في نظري هي أهم في عصرنا هذا وحياتنا الواقعية من الجوانب الأخرى الأساسية في هذه القاعدة، تلك هي قضية التلفاز، وكنت أحب أن يركز عليها الكلام بالقدر الذي تستححقه قضية التلفاز، تعلمون ولا أريد أن أطيل فكلّكم يعلم التفاصيل وكلكم أو معظمكم ومعظم المسلمين أصبح هذا الجهاز في بيته يغزو عائلته وأولاده وبناته وزوجته وما إلى ذلك , وكل هذا ينقل الحياة الغربية بما فيها من أمور تتنافي تمامًا مع الإسلام ومن سلوكيات انحلالية، وتعرفون مدى هذه الكلمة ومدلولها كل هذا ينقل، كان ينقل قديمًا قبل التلفاز عن طريق السينما وكان للإنسان أن يمنع أولاده أو أسرته عن السنيما فلا يأذن لهم، ولكنه لم يعد يستطيع أحد أن يخلي بيته من التلفاز الذي أصبح وسيلة معشوقة لدى أولاده ولو كانوا طلابا بالمدارس ويلهيهم عن دروسهم وكذا وكذا، وخاصة سلوك النساء الذي يراه في التلفاز، هناك غزو دخل بيوتنا يعنى الكتب والأساليب والمستشفيات، وكل ما تحدث عنه الإخوان إنها في مجال خارجي ولكن هذا الجهاز وما أسس عليه في برامجه التي معظمها برامج يهودية إخراجاتها السينمائية مخططة من قبل اليهود هذا خصص خصيصًا لهذا التهديم الأخلاقي والسلوكي وما إلى ذلك مما تعلمون ونشر الانحلالية، هذه الانحلالية هي التي تسهل بعد ذلك كل وسائل الغزو الفكري الأخرى أن تنفذ بلا معارض ولا حاجز، لا أريد أن أكثر الكلام لأنكم تعلمون من واقعه مثلما أعلم ولكني أيضًا في الوقت نفسه أحب أن ألفت النظر إلى ظاهرة نأسف لها، وهي أنه في البلاد الموثرة وخاصة في بلاد الخليج أصبحت هناك وسيلة لتعميم الاطلاع على جميع محطات وقنوات التلفاز، ذلك الهوائي الراداري الذي هو شبيه برادار الأقمار الصناعية، وقد بلغ خمسة أمتار وقد يبلغ مترًا واحدًا وينقل إلى صاحب البيت وأسرته وأولاده وبناته وزوجته، ينقل إليهم القنوات التلفازية وبرامجها التي تعمل وخاصة في أمريكا على مدي أربع وعشرين ساعة، ينتقل فيها من برنامج إلى برنامج ومن محطة إلى محطة ويعرض فيها في منزله وفي بيته وتعرض فيها الأفلام الماجنة والخلاعية التي لا تعرض عادة في السهرات العادية وحدودها من الليل، كل هذا أصبح موجودًا ومنتشرًا، وتعلمون ما وراءه من مآسٍ وما أنتج من سلوكيات ومن انحلاليات، أنا أرى وأريد أن أوجز جدًّا أن يصدر عن هذا المجمع الكريم توصية وترسل إلى حكومات البلاد الإسلامية جميعها عربية وغير عربية، نظرًا لأن هذا الجهاز وهذه الهوائيات المتطورة جدًّا والتي تساعد على نجاح الغزو الفكري في كل آفاقه وسلوكياته هو بيد الحكومات، يعني اليوم في العالم الإسلامي كله والعربي قضية التلفاز والبث وما يتبعها، كلها في يد وسائل الإعلام في حكومات البلاد الإسلامية.