وختامًا: فلعل القارئ الكريم يجد فيما كتبنا المنبه الذي يلفت نظره إلى خطورة الغزو الثقافي، ويكفيه أن يفتح عينيه لكي يرى بنفسه أمارات هذا الغزو قائمة حوله، وربما يستطيع أن يستخلص من الوقائع المعروضة لنظره، نتائج لم تلفت انتباهنا، أو غفلناها عمدًا خلال هذا العرض احتياطًا من التطويل ورغبة في الموضوعية.
إن المسلم في هذا العصر مدعو لأن يفهم دينه فهمًا صحيحًا , ويجعل من نفسه قرآنًا يمشي على رجلين: يتمثل أوامر الله ونواهيه، منشرح الصدر، لا يجد في نفسه حرجًا مما قضى الله ورسوله، ويسلم به تسليمًا، ثم يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة عن بينة وبرهان، متبعًا أسلوب القرآن الحكيم في دعوة الناس إلى الهدى.. فهل في الوجود من هدي أعظم من هدي الإسلام؟
إن العالم ـ كله ـ اليوم، يخطط البرامج، ويضع المناهج من أجل إطفاء نور الشريعة أو حجب شمسها عن العالم.. فهل ينتبه المسلمون إلى ما يراد بهم وبدينهم؟
يقول الحق جل شأنه: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (?) .
وحين تتجه البشرية إلى الإسلام، فعندئذ فقط يصبح التقدم العلمي والتكنولوجي دافعًا إلى الأمام، ومعينًا على الخلافة الراشدة، بدلًا من وضعه الحالي، الذي يدفع البشرية إلى الإنحلال النفسي والخلقي، كما يدفعها إلى الدمار..
والدلالات التاريخية التي أبرزت الصحوة الإسلامية إلى الوجود اليوم، في الوقت الذي تميل فيه الحضارة المادية الغريبة إلى الهبوط، هي قدر الله الغالب، الذي يشير إلى المستقبل، وحين يقف العالم ـ كله ـ يحارب الإسلام الذي هو قدر الله تعالى، فمن يكون الغالب، ومن يكون المغلوب؟
قال جل شأنه: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (?) . وقال تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (?) .
وكل ما نتمناه هو أن تقوم في البلاد الإسلامية رابطة من المثقفين لكشف هجمات الغزو الفكري على الإسلام، ورد هجماتهم على حصوننا، وبذلك نكون قد أدينا بعض ما أوجب الله علينا، وسوف يكتب لنا في النهاية النصر على أعدائنا: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (?) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور عُمَر يُوسف حَمزة