وإذا كان الغرب قد بذل جهودًا جهيدة في غزو الفكر الإسلامي، فإنه أراد من ذلك إيقاع العالم الإسلامي في براثن الاحتواء الغربي، إذ عند ذاك يتخلى الفكر الإسلامي عن مكانته، وفي ذلك نجاح كبير للصهيونية وأهدافها التي عملت ـ ولا تزال كذلك تعمل ـ من أجل البقاء في فلسطين.

إن الحضارة الغربية تعاني اليوم آلامًا كثيرة وساعة احتضارها ليست بالبعيدة، هذه حقيقة أقرها كثير من كتاب الغرب وفلاسفته الذين عرفوا الحضارة الغربية من الداخل لا من الخارج فقط. ومن أجل ذلك عقد في (إنكلترا) في أوائل القرن التاسع عشر مؤتمر خطير، قرر المؤتمرون فيه هذه الحقيقة ـ حقيقة انهيار الحضارة الغربية ـ لكنهم تواصوا أن يوجهوا سهامهم بعنف وقوة أشد من ذي قبل إلى هذا البديل الذي يحتمل أن يتبوأ مكان الحضارة الغربية، ويحل محلها، هذا البديل هو الأمة الإسلامية: بعقيدتها وشريعتها وقيمها وثقافتها وحضارتها، وقد عملوا منذ يومئذ إلى يومنا هذا على أن يضاعفوا من جهودهم ليفتنوا الأمة الإسلامية عن طريق الغزو الفكري ليتأخر زمن انهيار حضارتهم، وذلك بإذابة (الشخصية الإسلامية) واحتواء (الفكر الإسلامي) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015