2- الباطنية: بذل المستشرقون جهودًا في إحياء التراث الباطني المجوسي مستهدفين أصالة الفكر الإسلامي، ويبدو ذلك واضحًا في تركيزهم على إحياء كل المخطوطات التي تحمل هذه السموم, وخاصة ما يتصل بالإلحاد والإباحية، وما يتصل بوحدة الوجود والحلول والاتحاد، والمجون.. أمثال شعر بشار بن برد، وأبي نواس، وكتب ابن سبعين وغلاة الرافضة والإسماعيلية والفاطميين.

3- ثورة الزنج: ومن ناحية أخرى فقد استغل دعاة التفسير المادي للتاريخ بعض المواقف الهدامة في التاريخ الإسلامي، لمحاولة وصفها بأنها حركة تقديمية أو ثورية، ويولون (ثورة الزنج) نفس الاهتمام (بحركة القرامطة) , وقد جعلوا من (علي بن محمد) بطلًا، وهو الذي تجمع المصادر على عدم صحة ما ادعاه من نسب علوي، وقد خدع الناس بهذا النسب، وجعل من البصرة مركز نشاطه فجمع حوله (الزنج) في البصرة في ثورة عارمة , أشعل نارها سنة 255 هـ , وادعى خلال ذلك أنه المهدي المنتظر، كما ادعى بعد ذلك النبوة. ولا يمكن لمنصف ولا لمثقف أن يؤمن بأن مثل ثورة الزنج أو فئة القرامطة يمكن أن تمثل منهجًا إسلاميًّا أصيلًا.

وكانت لهم تفسيرات باطنية للقرآن والحديث، وقد لعب اليهود وراء هذه الحركات، وكانت الإسرائيليات مادة فكرهم, ويذهب بعض المؤرخين إلى أن القرامطة وغيرها من الدعوات الباطنية يهودية الأصل والفروع (?) .

4- رسائل إخوان الصفا ودعواهم: سبق الحديث عن إخوان الصفا ورسائلهم في الصفحات الماضية، ولكن الذي أود أن أنبه عليه هنا هو أن كثيرًا من الباحثين يرددون الإشادة برسائل إخوان الصفا على نحو يوحي بأنها جزء من التاريخ الثقافي الإسلامي، وقد أولى المستشرقون والمبشرون والدكتور طه حسين، مثل هذه الأعمال المشبوهة اهتمامًا، وأعادوا طبعها ونشرها، ودفعوا كثيرًا من الباحثين المسلمين الذين يسافرون إلى الغربـ على حساب بعثات التبشير والاستشراق إلى دراستها، وإلى تبني وجهة نظرهم فيها، واستغل ذلك لخدمة أهواء الفكر الليبرالي والماركسي على السواء.

وقد كشف الباحثون المنصفون فساد هذه الدعوى وأن العلاقة بين إخوان الصفا والباطنية وثيقة الصلة، حتى قال المستشرق كازنوفا: (إنني على أتم الثقة من أن آراء إخوان الصفا هي برمتها آراء الإسماعيلية , ومحور هذه الآراء يتصل بوحدة الكون أي وحدة الوجود وما يتصل بها من الاتحاد والحلول مما يتنافي مع مفهوم الإسلام الصحيح) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015