ويتضح من ذلك أنه رغم الأبعاد الجغرافية واختلاف النظم السياسية وتباين اللغات واللهجات، ورغم كل الفوارق التي لا مفر منها في عالم مترامي الأطراف كالعالم الإسلامي، فإن العمل الإسلامي المشترك يسير والحمد لله قدماً بصورة بناءة مما يساعد على التضامن الإسلامي المنشود، وإن كل عمل ننجزه بصورة جماعية في أي ميدان ما هو إلا خطوة نحو مزيد من التقارب والتآخي، وبالتالي نحو نبذ الخلافات والنزاعات الطارئة القائمة بين الأشقاء.
وبإقامة مؤسسات كهذه المؤسسات الهامة، وبعقد لقاءات للأشقاء المسلمين في نطاق مؤسساتنا المتعددة الاختصاصات، وبتمكينهم من التعارف والاطلاع على شؤون بعضهم، والتعاون فيما بينهم من أجل مزيد من التضامن للدفاع عن قضايانا، ولتقوية مناعتنا بذلك كله، نبني صرح هذه الأمة لبنة لبنة.
إن بلداننا تعمها اليوم صحوة إسلامية مباركة تتمثل في حماسة شبابنا بالخصوص لإحياء تراثنا والتمسك بأصالتنا والتخلص من رواسب الاستعمار لتكون مسيرة أمتنا في مطلع هذا القرن الخامس عشر مسيرة إسلامية خالصة، فلنهيئ للجيل القادم وللأجيال التي ستتبعه القواعد الثابتة التي تضمن لمسيرته السلامة وتفتح أمامه سبل الإيمان القوي والعلم الغزير والقدرة على مواجهة تحديات العصر وأعداء الأمس واليوم والغد.
أيها السادة ...
إن التحديات التي نواجهها اليوم تهدد مصير أمتنا: فالقدس مهددة بفقدان شخصيتها الإسلامية. وفلسطين مهددة بالاستعمار الصهيوني وأفغانستان ما تزال مسرحاً لغزو أجنبي، أما حرب العراق وإيران فهي نزيف مستمر لطاقاتنا البشرية والمادية مما يضعف أمتنا. ومواجهة كل هذه التحديات تتطلب أمرين ملحين: أولهما: الاتحاد والتضامن، وثانيهما: أن نكون في مستوى من الكفاية والقدرة يتماشى مع عصرنا هذا ومع مستوى خصومنا وأعدائنا.
وإذا حققنا هذين الهدفين فإننا سننتصر على أعدائنا ونحرر أوطاننا ونصون كرامة شعبونا ومعتقداتها ومثلها. ولا يكون ذلك إلا بمواصلة العمل الجماعي في كل ميدان من ميادين الحياة في بلادنا، كما هو الشأن اليوم في هذا الميدان الأساسي (ميدان الفقه الإسلامي) .