أيها السادة ...

لقد لبت الشريعة الإسلامية، على الصعيد الفقهي حاجات دار الإسلام على مر القرون، فأمدتها بالقواعد والأصول المتسمة بالمرونة الرامية إلى تحقيق الصالح العام ودرء المفاسد، وقد رأى فقهاء المسلمين أن عليهم أن يضبطوا قواعد الفقه ويدونوها ويدرسوها لأبنائهم، ورأوا كذلك أن يستنبطوا أحكاماً لكل ما يعرض عليهم من موضوعات وقضايا ومسائل، بل إنهم افترضوا أحداثاً ووقائع قبل أن تحدث، وحرصوا على أن يضعوا لها الحلول الملائمة وهكذا أضحى لدينا كنز لا يقدر بثمن من الأبحاث والمؤلفات الفقهية التي تعالج مشكلات الناس في كل الأقطار. وبناء على ذلك، فإن مجمع الفقه الإسلامي لا ينطلق اليوم من فراغ لأنه سيجد بين يديه بحراً زاخراً من تراث الآباء والأجداد، ولا يعني ذلك أننا سنكتفي بهذه الكنوز ونعيش عالة على الرصيد الذي ورثناه عن أجدادنا، بل إن من واجبنا أن نواصل العمل لإثرائها وتلافي النقص الذي حدث نظراً للأوضاع الحديثة والظروف الراهنة التي علينا أن نواجهها. ولذا فلن تقتصر مهمتنا على رعاية هذا التراث فحسب، بل ينبغي استثماره لدفع مسيرتنا قدماً.

أيها السادة..

من دواعي السرور والغبطة أن إنجازات هامة أخرى ستتبع قيام هذا المجمع، كمحكمة العدل الإسلامية الدولية التي اتخذت منظمة المؤتمر الإسلامي خطوات متقدمة لإخراجها إلى حيز الوجود، وهي المحكمة التي نحن في حاجة ماسة إليها، وسيكون من مهمتها النظر في الخلافات التي قد تنشأ بين الدول الإسلامية قصد إيجاد حلول لها عملاً بتعاليم ديننا الحنيف التي تأمر بإصلاح ذات البين، كي لا نلجأ نحن – المسلمين – في تسوية خلافاتنا إلى مؤسسات تعتمد في أحكامها على غير الشريعة الإسلامية.

ومن تلك الإنجازات أيضاً وثيقة حقوق الإنسان في الإسلام التي ستكون ملزمةللدول الأعضاء كافة. ومن أجدر من المسلم بأن يصوغ هذه الوثيقة وقد كرم الإسلام الإنسان، فضمن له الحياة المادية والروحية، وكفل له الحرية والأمان والاطمئنان والحقوق؟

وهناك أيضاً اللجنة الإسلامية الدولية للقانون، وهي هيئة دائمة ستكون تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وتتألف من خبراء قانونيين متمكنين في علوم الشريعة الإسلامية. ومن مهامها وضع دراسات وبحوث تساعد على نشر الشريعة الإسلامية وإيجاد الوسائل التي تؤمن تمثيل وجهة نظر الإسلام في الهيئات الدولية كلما دعت الحاجة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015