الفصل التاسع
التأخر في سداد الأقساط أو التخلف عنه
9-1 تأخر المشتري في سداد الأقساط:
قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((مطل الغني ظلم)) رواه البخاري 3/155، ومسلم 4/72. . وغيرهما.
وقال أيضا: ((لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته)) ، قال سفيان: عرضه يقول: مطلتني، وعقوبته: الحبس، رواه البخاري 3 /155، وأحمد في المسند 4/222، وابن ماجه في السنن 2/811، والحاكم في المستدرك 4/102 وصححه.
لعل مسألة تأخر المشتري في السداد من أهم مسائل بيع التقسيط التي تستحق العرض على المجمع الفقهي، ليتخذ قراره فيها، ذلك لأن بيع التقسيط قد جاز فيه الأجل عند جميع الفقهاء، وجاز فيه زيادة الثمن عند جمهور الفقهاء، ولعل الجديد هنا هو التعليل والتفسير والإثبات، لمزيد من الاطمئنان.
أمّا التأخر في سداد الأقساط فلا نعلم عند الفقهاء السابقين أحدًا منهم أجاز فيه تغريم المتأخر بغرامة، أو معاقبته بعقوبة مالية، غير أن بعض العلماء المعاصرين قد ذهب إلى التفرقة بين المدين العاجز عن الدفع، والمدين الغني المماطل، واتفقوا على عدم جواز تغريم الأول، فهذا ربا نسيئة محرم بلا شك، واتفقوا على مبدأ التعويض المالي عن المماطلة، أو على مبدأ التغريم، واختلفوا قليلًا في طريقة تقديره (هل يقدر وفق ربح الدائن، أم وفق ربح المثل؟) ، كما اختلفوا: هل يجوز أن يكون هذا التعويض موضع اتفاق مسبق بين الدائن، والمدين، أم يجب أن يرجع فيه إلى القضاء عند وقوع المماطلة؟ (مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي، المجلد 2، العدد 2، شتاء 1405 هـ، ص 89 و 154، والمجلد 3، العدد 1، صيف 1405 هـ، ص 101 و 111) .
المنقول عن الفقهاء القدامى، كما قلنا، هو عدم جواز ذلك كله، قال الجصاص في أحكام القرآن 1 /474: " المراد بالعقوبة هنا (أي في الحديث الشريف أعلاه) : الحبس، لأن أحدًا لا يوجب غيره " وقال أيضا: " لا تفاقهم على أنه لم يرد غيره ".