هذه هي أهم الأغراض التي قام من أجلها البنك وتلك أهم وظائفه، وهي – كما سبق أن قلنا – أغراض شريفة في ذاتها، ولكن يأتي بعد ذلك سؤال هام وهو:
ما الوسائل التي يستخدمها البنك في تحقيق هذه الأغراض وتلك الوظائف؟
وللإجابة على ذلك أقول: هناك وسائل متعددة تسلكها تلك البنوك لتحقيق أغراضها، وهذه الوسائل منها ما هو جائز شرعًا ومنها ما ليس كذلك، فأما الوسائل التي اتفق الفقهاء على جوازها شرعًا، فمن أبرزها أن تقدم الدولة للبنوك العقارية ما هي في حاجة إليه من أموال كافية لتلبية مطالبها الذاتية كأجور العمال والموظفين، وتكون وظيفة البنوك العقارية في تلك الحالة هي الوكالة عن الدولة في تنظيم وتنسيق وتنفيذ تقديم هذه الأموال لأصحاب تلك المشروعات، ثم استردادها منهم بعد ذلك على أقساط لا تزيد في مجموعها على ما قدمته لهم من أموال، بل ربما تتنازل الدولة عن جزء كبير منها في بعض الأحيان، وهذه الطريقة تتبعها في العادة الدول الغنية الرشيدة لكي تساعد أبناءها على امتلاك المسكن المناسب وعلى التوسع في إحياء الموات من الأرض، وقد ترتب على هذه السياسة الحكيمة أن زاد العمران، وكثر عدد العاملين في مجالات النشاط الاقتصادي، وأنفقت الأموال في وجوه الخير، كما ترتب على هذه السياسة الحكيمة أيضًا أن كثرت المساكن وصار المعروض منها أكثر من المطلوب فرخصت أسعارها وأصبح المسكن الذي كان يؤجر منذ عشر سنوات في المملكة العربية السعودية – مثلًا بثلاثين ألف ريال في السنة أصبح الآن كما بلغني يؤجر بأقل من هذا المبلغ بنسبة قد تصل إلى الثلث، ومما لا شك فيه أن هذه الطريقة التي اتبعتها بعض الدول هي السنن الحسنة التي لأصحابها من أولي الأمر أجرها وأجر من عما بها من بعدها.
* الطريقة الثانية من الطرق التي اتفق العلماء على إباحتها: هي أن تقدم البنوك العقارية لأصحاب مشروعات استصلاح الأرض وتشييد المساكن، تقدم لهم الأموال التي هم في حاجة إليها لإقامة مشروعاتهم ولكن على سبيل المشاركة لهم بالنصف أو بالثلث أو بغير ذلك، وأتينا بالأدلة:
الطريق الثالثة التي يمكن للبنوك العقارية أن تسلكها لتمويل المشروعات العقارية النافعة تتلخص في الرهن، وتكلمنا عن الرهن، وبينا أنه جائز وأن من حق البنوك أن تقوم برهن أشياء من أصحابها ضمانًا لحقها، وأتيت أيضًا بالنصوص الموجودة في نفس النظام الأساسي للبنك.