ولا شك في أن المجمع إذا نهض بأعباء مهمته على خير وجه، سيتيح الفرصة لالتقاء أعلى الخبرات وأقوى التخصصات الإسلامية في رحابه، وسيمهد الطريق للتعاون المثمر بين علماء هذه الأمة في مضمار التعريف بالنظريات الفقهية وبالمبادئ الإسلامية العامة في العدالة والحرية والأمن والسلم، وسيساعد مساعدة فعالة على تطبيق أحكام الشريعة تطبيقًا يجمع بين التطور والتفتح اللذين يقتضيهما العصر الحديث من ناحية، وبين التمسك بالأصالة والعقيدة من ناحية ثانية.

نعم. لقد أصبح المجمع اليوم حقيقة واقعة. والأمل معقود في نطاقه على صفوة علمائنا وفقهائنا للعمل على وضع القواعد الفقهية التي يحتاجها المسلمون في هذه الفترة من تاريخنا توخيًا للوصول إلى تشريع موحد في كل بلاد المسلمين، وإننا لنرجو أن تصبح هذه المؤسسة الإسلامية الجديدة محورًا رئيسيًا تلتقي حوله الهيئات الفقهية المتعددة القائمة اليوم في أرجاء العالم الإسلامي، كما نرجو أن تنهض هذه المؤسسة بمهمة التنسيق والتنظيم بين تلك الهيئات، معتمدة في ذلك خطة مدروسة قائمة على أسس علمية.

أيها الإخوة،

إن أهمية الفقه الإسلامي تتمثل في كونه يتناول بشكل مباشر حياة الفرد والأسرة والمجتمع، كما يتناول العلاقات بين المسلمين وبين سكان المجتمعات غير المسلمة. وليس بخاف أن المسلمين في كل مكان يعلقون أهمية قصوى على هذه المؤسسة، لا لما ستصدره من فتاوى منسجمة مع تطور الحياة المعاصرة فحسب، بل لما ستصدره أيضًا من دراسات وبحوث وآراء تعين المسلمين على استيحاء الأنظمة الملائمة لمؤسساتهم ومجتمعاتهم، مما يوفر، بالتالي، إمكانيات الانسجام بين مختلف دولنا، ويساعد على تمهيد طريق التضامن الإسلامي المنشود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015