كما أن المجتمع الإسلامي كان يرى أن الوكالة عن الغير في عمل من الأعمال تكون مجانا وخدمة اجتماعية، ثم تطورت الأحوال تطورا حضاريا، ووجد المتخصصون الذين لا يقبلون الوكالة إلا بالأجر، كما في توكيل المحامي وتوكيل السمسار وكل منهما يتفرغ لهذا العمل ويكسب قوته من هذا الأجر.
بعد ذلك أرد على ما قاله العلامة أبو غدة من أن هذه واجبات فيجوز أخذ الأجر عليها، إما هذه فليست واجبات فلا يجوز أخذ الأجر عليها، أقول له يا سيدي إذا كان المنطق هو هذا فإنه إذا جاز أخذ الأجر على الواجب الديني جاز أخذ الأجر على المباح من باب أولي، وإذا قال أن هذا ليس أجرا إنما هو رزق، قلت: ما هذا؟
أقول: أن كل ما سمعته زادني ثقة بهذا الرأي ولهذا فاني رغم أنى ختمت كلمتي التي كنت أرسلتها إلى أمانة المؤتمر فان الأساتذة الأجلاء أعضاء المجمع الرائد يعلمون انه يستوي في الإثم تحريم الحلال وتحليل الحرام من غير دليل والله – سبحانه وتعالى –يقول {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
ثم أقول أيضا ومما زادني ثقة في هذا الرأي. هذا رأيي الذي اعرضه على حضراتكم، فان يكن صوابا فمن الله وبتوفيقه، وان يكن خطا فمني ومن الشيطان، استغفر الله وأتوب إليه. وأول درجات التوبة الرجوع إليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.