ولقد أفتى المتقدمون من فقهاء بعض المذاهب بعدم جواز أخذ الآجر على تحفيظ القران وإمامة الصلاة بناء على انهما يدخلأن في العبادات والطاعات التي لا يجوز أخذ الأجر المادي عليها في الدنيا، والتي يستحق فاعلها الجزاء والثواب الأوفي في الآخرة، والآخرة خير وأبقى. وقد جرى المجتمع الإسلامي على ذلك حينا من الدهر، ثم اقتضت الثورات الاجتماعية تخصيص مسلم مؤهل للقيام بهذه الأعمال بحيث يتفرغ التفرغ اللازم والمناسب لها.
ووجد المتأخرون زمانا من فقهاء هذه المذاهب نفسها أن القول بعدم جواز أخذ الأجر في ذلك وفي أمثاله مؤد إلى ضياع حفظ القران الكريم حفظا سليما، والى ترك إمامة الصلاة لمن لا يحسنها نظرا لعدم التفرغ لهذه الأعمال الدينية اشتغالا بكسب العيش فأفتوا بأخذ الأجر. وعلى ذلك جرى ويجري العمل الآن في جميع البلاد الإسلامية.
ثم إذا كان مقتضى هذا الضمان المصرفي إلزام المصرف بالمغارم التي تترتب على هذ1 الضمان، تنفيذا لالتزامه، فلم لا يكون له غنم من المضمون يؤديه للمصرف الضامن نتيجة الاتفاق والرضا به؟
ومن القواعد الفقهية العادلة أن الغرم بالغنم، جرى عليها التعليل الفقهي في مثل وجوب نفقة الفقير العاجز على قريبه الغني الموسر، مغرما في حالة فقر القريب مقابلة للمغنم بميراثه في حالة يساره.
وإذا كان الأصل منع الأجر عند بعض الفقهاء فلم لا يجوز أخذه استحسانا واستثناء من القواعد الأصلية استنادا إلى المصلحة العامة والخاصة؟ وإذا قيل أن في إمكان الضامن-كما أشار الأستاذ السالوس – أي (المصرف) والمضمون أن يشتركا في نفس العمل الذي يضمنه المصرف، قلت: أن هذا ممكن إذا رأي الطرفان مصلحتهما فيه. ولكن قد يريان أو يرى أحدهما أن المصلحة في انفراد المصرف بالضمان واستحقاق الأجر عليه، وانفراد المضمون بنتيجة العمل ربحا أو خسرا.