- أو ألا تحل إلا بدليل عام.
- أو أن تحل من غير دليل عام ولا خاص، مادام لم يوجد دليل على التحريم.
والفرض الأول غير صحيح، لإجماع المسلمين في العصر الأول على وجوب الوفاء بالعقود التي عقدت في الجاهلية، مادامت لا تشمل على أمر منهي عنه، فإذا اشتملت على أمر منهي عنه صح منها ما لم يرد نهي عنه.
فقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم المال الثابت في العقود الربوية، وأبطل شرط الربا في هذه العقود، وقال: ((ربا الجاهلية موضوع)) أي أسقطه والغاه المشرع الإسلامي.
أما الفرض الثاني فإنه يشهد للحل ويترتب عليه الوفاء بكل عقد أو شرط غير منهي عنه بدليل خاص، للأمر العام بالوفاء بالعقود.
وكذلك الفرض الثالث يشهد للحل، وهذا ما أراه أيضًا.
ثم أما بعد،
انه لا يوجد في أخذ الأمر على هذا الضمان المصرفي لتنفيذ أعمال مشروعة نص محرم من كتاب أو سنة، ولا دليل محرم. فلا يوجد له نظير يقاس عليه في التحريم لاشتراكهما في علته.
ثم لا يوجد عرف صحيح يحرمه ويمنعه، ولا توجد فيه مفسدة كما لا توجد مصلحة في تحريمه بل أن المصلحة في إباحته وحله وصحته، وفي إلزام المضمون به. وإذا قيل أن بعض كتب المذاهب الفقهية قد صرحت بتحريمه فاني أقول أن الدليل الذي استندوا إليه هو أن الضمان لم يشرع إلا على سبيل التبرع، وهو صورة من صور المصادرة، لأن نفس الدعوى هي نفس الدليل كأنهم يقولون أن أخذ الأجر غير مشروع لأنه غير مشروع.
وفد زادني ثقة بهذا ما سمعته جديدا من هذه البحوث الآن، وإذا قيل أن الإمام ابن تيمية الذي ذهب إلى أن الأصل في العقود والشروط هو الإباحة والحل، قد ذهب إلى عدم جواز أخذ الأجر على الضمان، قلت: أني مع قاعدته العظيمة لقيام الأدلة عليها، ولست معه في عدم جواز أخذ الأجر على هذا الضمان إذا كان رأيه بالمنع يشمل الضمان المصرفي التجاري، للأسباب التي بينتها وأبينها.
والظاهر عندي أن هذه الفتوى المروية عنه لا تشمل الكفالات بهذه الصورة التجارية الجديدة التي تعاملت بها المصارف العامة، وتتعامل بها بعض المصارف الإسلامية.فلقد كانت الكفالة في العصور الماضية تتم ضمانا لمحتاج يستدين، وقد لا يجد من يسلفه إلا بضمان من ملئ لضعف ذمة المستدين المالية ونحو ذلك فيضمنه الغني تفريجا لكربه ورجاء لثواب الآخرة.