بعد ذلك يقول: (أن العقود والشروط من الأفعال والمعاملات العادية ولسيت من العبادات التي لا تجوز ولا تصح إلا بالتلقي من الله جل جلاله) .
والله سبحانه وتعالى يقول {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} وهذا التفصيل يعم الأفعال والتصرفات، فإذا لم يكن العقد أو الشرط حرامًا بتحريم الشارع، فإنه لا يكون باطلًا، لأن البطلان إنما يترتب على التحريم.
بعد ذلك يقول: (إن الأصل في العقود والشروط قيامها على التراضي بين العاقدين، وتترتب آثارها عليها تبعًا لهذا التراضي) .
وفي ذلك يقول الله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ، ويقول في المهر {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} .
فقد أحلت الآيتان الأموال فيهما بناء على الرضى في الاية الأولى، وطيب النفس في الاية الثانية، ما لم يكن هناك دليل خاص لتحريم عقد خاص أو شرط خاص.
بعد ذلك يقول: (إن العقود والشروط التي تتم بين الناس أمور مقصودة لهم، يرون فيها مصلحتهم التي لا تلحق الضرر بغيرهم، ولولا حاجتهم إليها ما عقدوها ولا اشترطوها. فيجب رفع الحرج والضيق والعنت عن الناس يتجويزها وتصحيحها وترتيب الاثار عليها، ومنع عقد أو شرط من غير دليل شرعي – مع هذه المصلحة وتلك الحاجةللمتعاقدين –يؤدي إلى الحرج والضيق والعنت الذي رفعه الشارع الإسلامي، في مثل قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} ، أي ما جعل وما شرع ما يحرج عباده كما جاء في الاية الأولى، وما يريد أن يجعل فيشرع باسمه سبحانه ما يحرج عباده وهو العليم الحكيم، الرؤوف الرحيم.
بعد ذلك يقول: (إن العقود والشروط المقترنة والمرتبطة بها لا يخلو حكمها من أحكام ثلاثة:
- الا تحل إلا بدليل خاص من كتاب أو سنة أو دليل يستند إليهما، فإذا حلت بهذه الصورة وجب الوفاء بها.