الخلاصة:
نخلص من كل ذلك:
1- إلى أن دعوى أن التبرع والمعروف لا يجوز عليه العوض دعوى غير صحيحة. وأن ما ترتب عليها من أن الضمان تبرع ولذلك لا يجوز أخذ الأجر عليه نتيجة غير صحيحة هي الأخرى. فرغم أن الأصل في التبرع أن يكون مجانا وبلا عوض مادي إلا أنه إن شرط فيه العوض صح.
2- وإلى أن الضمان ليس بقرض. ولذلك فلا يدخل تحت محظور المأثور: ((كل قرض جر منفعة فهو ربا)) . لما بينّا من أن الضمان استيثاق وأن الضامن غارم وأن قياس الضمان على القرض قياس مع الفارق. إذ ليس هناك منافاة بين الأجر والضمان ولا بين الأجر والغرم فقد يأخذ الأجير أجره والمضارب ربح عمله مع أنه قد يغرم ويضمن في بعض الحالات نتيجة تقصيره مثلًا. فإذا قصّر الأجير وترتّب على ذلك اعتداء طرف ثالث على أدوات عمله فهو غارم للمؤجر وضامن لقيمة هذه الأدوات وله في نفس الوقت الرجوع على المعتدى بالقيمة. ولا يؤثر ذلك في استحقاقه لأجرته ولا يحرمها.
3- إذا انتفت الأسباب والعلل التي بنى عليها الفقهاء تحريم أخذ العوض في الضمان فالنتيجة الطبيعية أن يكون العوض في الضمان جائزًا إذا ما اشترط، إلا إذا أدى ذلك إلى محظور آخر. وفي تقديرنا أنه لا يوجد محظور. فالضمان عمل محترم يكلف الضامن مسئولية ويلقى عليه عبئا ويفيد المضمون فائدة كبيرة تفوق فائدته من دراسة جدوى المشروع من نواحيه الإقتصادية والفنية. ولذلك ينبغي أن يكون عملًا يمكن تقويمه بالمال ويمكن أخذ الأجر عليه بحسب اتفاق الأطراف المتعاقدة.
4- وقولنا بجواز أخذ العوض على الضمان ليس قولا بإخراج الضمان من عقود التبرعات. بل نفضل أن يكون الضمان تبرعًا في عمومه وأن يجري بين الناس كواحد من عوامل التكافل الذي يقدم فيه الإنسان ضمانًا لأخيه الإنسان لوجه الله. وذلك مما يزيد من عرى الإخوة، بحيث يكون من ضمن عوض الإنسان هو أن هذا الآخر أو غيره سيضمنه إذا ما احتاج إليه. ولكن هذا لا يمنع من أن تؤدي المؤسسات المالية مثل هذه الخدمة تبرعًا وبعوض أن اختارت ذلك وقبل الطرف المتعامل معها: والله ولى التوفيق