ومع ذلك فللضامن –إذا أدى الالتزام بناء على عقد الضمان – الرجوع على المضمون إذا كان ذلك ممكنا. ولكنه رجوع نشأ عن تنفيذ الالتزام السابق ولم ينشأ عن قرض بين الضامن والمضمون.

وفي الختام نقول أن عقد الضمان عقد اسيثاق وليس عقد قرض. فإنه وإن شابه القرض في وجه فقد خالفه في وجوه كثيرة. ثم أن الأصل في عقود الاستيثاق توقع وفاء المضمون وأن الاستثناء هو تنفيذ الالتزام على عقد الاستيثاق. والحكم يبنى على الغالب لا على الاستثناء. وعليه، فإن أخذ الأجر على الضمان لا يدخل تحت محظورات كل قرض جر منفعة فهو ربا لأن الضمان ليس بقرض. ومع ذلك فقد يصح هذا القياس وتثار الشبهة لو طلب الضامن العوض أو الأجر عند وفائه بالتزام الضمان. أما اشتراط العوض ابتداء فليس من القرض في شيء كما قدمنا.

هذه ثلاث حجج اعتمد عليها الفقهاء في حكمهم بعدم جواز أخذ الأجر على الكفالة. واتضح لنا أن هذه الحجج لا تقوى دليلا على ذلكم الحكم. فما الذي دفع الفقهاء إلى الانقياد والتسلم بذلك.

في تقديري أن الذي قادهم لذلك ودفعهم إلى التسليم به هو العرف العملي. فالمعاملات كانت بسيطة وتتم في أسواق محصورة وبين الناس يعرف بعضهم بعضا، ولم تتسع المعاملات وتتعقد بالصورة التي عليها اليوم من حيث حجم العمل ومن حيث المدى الجغرافي بحيث يضطر الإنسان إلى أن يتعامل مع أشخاص ومؤسسات في الداخل والخارج وهو لا يعرفهم. بل يتم التعامل عن طريق المراسلات في كثير من الأحيان.

وحتى الوكالة فيبدو أن العرف فيها كان يجرى على اعتبارها عقد تبرع ثم لما تطورت أعراف الناس تجاريا بدأت تدخل الوكالة بأجر شيئا فشيئا حتى أضحت اليوم أمرًا عاديًا وأن الوكالة بأجر صارت هي الأصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015