وبهذا يتبين فساد ما نُسب (?) إلى الإمام وصاحبيه من أنهم قد تركوا حديث سعد لكونه مخالفاً للحديث المشهور.
ولما أعترض على هذه الدعوى بأن الصاحبين قد عملا بحديث سعد وهو مخالف للحديث المشهور، قالوا: إنما عملا به، بناء على أن لفظ المشهور تناول التمر فقط، والرطب ليس بتمر عادةً وعُرْفاً. بدليل أن من حلف لا يأكل تمراً فأكل رطباً أو حلف لا يأكل هذا الرطب فأكله بعدما صار تمراً لم يحنث،لا أنهما لا يقولان بأن الحديث يرد لمخالفته السنة المشهورة.
فهؤلاء الذين قَوَّلُوا الأئمة مالم يقولوه قد ارتكبوا جناياتٍ لا حصر لها أعظمها نسبة القول إليهم بأنهم قد ردوا سنن المصطفى الصحيحة بأهوائهم، وهذا لا يقوله جاهل فضلاً عمن ينسب نفسه إلى العلم.
المطلب الثالث: في رد خبر الواحد لكونه حديثاً شاذاً لم يشتهر
فيما تعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته
وفيه مسألتان:-
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بهذه القاعدة ومناقشتها.
إن خبر الواحد الذي صح سنده إذا ورد موجباً للعمل فيما يعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته للعمل به لا يقبل، عند عيسى بن أبان وأبي زيد الدبوسي والسرخسي والبزدوي وعبد العزيز البخاري وغيرهم ممن تبعهم ممن ينتسب لمذهب أبي حنيفة رحمه الله محتجين على ما ادعوه بما يأتي:-
قالوا (?) : (إن صاحب الشرع كان مأموراً بأن يُبَيِّن للناس ما يحتاجون إليه وقد أمرهم بأن ينقلوا عنه ما يحتاج إليه من بعدهم.