هكذا يعود حمزة شحاتة بالشعر إلى أصوله الأولى حين كان حداءً للعيس، ونغماً على حركات الأيدي والأجساد ودلاء الماء، فالغناء مضمار الشعر. والمتأمل في شعر حمزة شحاتة يدرك ولعه بالغناء، حتى إن الإيقاع ليشكل في شعره طاقة شعرّية حافلة بالقيم الجماليّة الخلاّقة (?) . والغنائية التي يهدف إليها حمزة شحاتة لا تعني الانغلاق على الذات، فقد كان منفتحاً بشعره على العالم، متأملاً لكثير من أشيائه وكائناته تأملاً يكشف عن شاعرية مميزة يتجاوز فيها الفكر والوجدان تجاوزاً لا يتحقق إلا لكبار الشعراء فلا يكون الشعر مشاعر خاوية من الرؤية العميقة، ولا يتجلّى فلسفة عقلية ليس فيها من رواء الشعر شيء.
وإنما يقصد “ جماليات الإيقاع ” وحضور الموسيقا في النص الشعري حضوراً خاصاً يجعل من النص الشعري إبداعاً في النغم الحاني كما هو إبداع في الرؤيا والتشكيل اللغوي.
ولهذه الغنائية الحانية التي تنبعث من أعماق النفس ثم تعود إليها كان الشعر أحد عناصر الحياة إذ ((ليس من الممكن فقط أن يعيش الناس بلا شعر بل من المستحب..)) (?) .
ولأن للشعر هذه القوّة السحرّية كان الشاعر مناضلاً بأغانيه يعيش في قلق دائم، وعذاب لا ينقطع، رغبة منه في تغيير الواقع ((السرّ في بلبلة الشاعر وعذابه، أنه يحاول تحويل الحلم إلى واقع، ثم تحويل الواقع إلى حلم)) (?) .
وهذا الجهاد أداته “ الجمال ” فالشاعر يناضل بالجمال وللجمال متكئاً على رؤية صافية، وإدراك دقيق لما هو قائم ولما هو ممكن.