والإدراك الجمالي لدى حمزة إدراك متوازن، فمع أن موقفه أولاً “ موقف جمالي ” يتأمل ويحلّل ويتذوق ويحكم، فإن الموقف عنده يترامى إلى آفاق أخرى، تجعل من الجمال “ قيمة نفعية ” تزرع الفضيلة، وتثري العقل والوجدان، فالجميل ليس جميلاً لذاته فقط، وإنما هو جميل بما يحدثه من أثر، وهذا الموقف يقترب من موقف الناقد الإنجليزي ريتشاردز الذي يجعل من الخبرة الجماليّة قوّة منسقّة بين مجموع الدوافع المختلفة لدى الإنسان، مما يتولّد عنها شيء من اللذة والتوازن (?)
خصائص الجميل:
والجميل عند حمزة هو الذي تنفعل به النفس، فهو “ شعوري ذاتي ” وإن كان الموضوع باعثاً، وبهذا لا يكون الجميل ما تناسق وتآلف إذا لم يثر الشعور الجميل الذي نحسّ به، فالجميل “ إحساس داخلي ” وليس “ مادة متناسقة ” ولهذا لا يكون الشيء جميلاً عند من فسد ذوقه الجمالي، أو طمس الإلف محاسن الجمال في نفسه.
والجميل يظل جميلاً ما كان قادراً على البذل وإنجاب الدلالات والقيم، فالزمن جزء من حقيقته، أما حين تستصفي النفوس معانيه، فإنه ينفصل عن الزمن ويصبح قطعة أو فكرة بالية غير قادرة على التجدد والإثارة، وهذا هو الموت وتوقف الحركة.