وهذا المبدأ لا ينكره حمزة فهو أول من كشف عنه في محاضرته الشهيرة “ الرجولة عماد الخلق الفاضل ” حيث قال: ((والتجريد مبدأ قديم لي، أو هو مرضي الذي لا أشفى منه، عرفني به من عرفوا طريقتي في الحياة، ومن قرأوا نظراتي القديمة في الخير والشر، في الفضائل والرذائل، وفي الحب، وفي الشعر)) (?) .
لكن قصيدة “ لم أهواك؟ ” ليست قائمة على هذا المبدأ - كما ظن عبد الله عريف - وهو تجريد الجمال من معانيه، بل إنّ جوهرها تقديس الجمال، فيما وراء الظاهر، والبحث عن معاني الحب السامية، واستنطاق أسرارها الخبيئة (?) .
فالقصيدة رؤية عاشق ذي فكر مولع بالبحث في العلل والعلاقات، وكشف خبايا الأشياء والأفكار، فالجمال في نظر هذا العاشق ((معنى وراء السمات والشكول معنى لا تحدّه النظرة، ولا تقيده الفكرة، إنما هو جمال مطلق شائع لا تكون الحياة بما فيها إلا لفظاً هو معناه وسر الحركة والسكون والنور والظلمة فيه، فلا تكون دنيا عاشقة إذا غاب إلا دنيا “ سؤوم جم الكروب طليح ”، ((فإذا لاح أشرقت وتلقته بوجهٍ طلق المحيا صبيح)) (?) .