"يجوز أن يكون المراد بالمنام النوم، وموضع النوم ووقت النوم…ولا فرق عند النحويين بين مفعل في هذا الباب وفعل، نحو: مضرب وضرب، ومنام ونوم، وكذلك هما في التعدية سواء، نحو: ضرب زيد عمرا، ومضرب زيد عمرا، وأما في حكم البلاغة والعلم بجوهر الكلام، فلا سواء، فإن المصدر إذا حددته قلت: ضربة ونومة، ولا يقال: مضربة ولا منامة، فهذا فرق، وفرق آخر: تقول: ما أنت إلا نوم، وإلا سير، إذا قصدت التوكيد، ولا يجوز ما أنت إلا منام وإلا مسير، ومن جهة النظر أن الميم لم تزد إلا لمعنى زائد، كالزوائد الأربع في المضارع، وعلى ما قالوه تكون زائدة لغير معنى. فإن قلت: فما ذاك المعنى الذي تعطيه الميم؟ قلنا: الحدث يتضمن زمانا ومكانا وحالا، فالمذهب عبارة عن الزمان الذي فيه الذهاب، وعن المكان أيضا، فهو يعطي معنى الحدث وشيئا زائدا عليه، وكذلك إذا أردت الحدث مقرونا بالحالة والهيئة التي يقع عليها، قال الله سبحانه: (ومن آياته منامكم بالليل والنهار ((الروم: 23) فأحال على التفكر في هذه الحالة المستمرة على البشر، ثم قال في آية أخرى: (لا تأخذه سنة ولا نوم ((البقرة: 255) ، ولم يقل منام لخلو هذا الموطن من تلك الحالة، وتعريه من ذلك المعنى الزائد في الآية الأخرى، ومن لم يعرف جوهر الكلام لم يعرف إعجاز القرآن" (?) .
وفي استدراك آخر على النحاة يرى السهيلي أن كلمة الحجيج اسم للجمع وليست جمعا لحاج، لأنها على صيغة فعيل، ولو كان مفردها حاج لجاز تصغيره بالقياس على غيره مثل كلمة عبد التي هي مفرد عبيد، ويبين من خلال الكتاب العزيز صدق دعواه، ذكر ذلك تعقيبا على قول علي بن أبي طالب: "سمعت من يحدث عن عبد المطلب أن قيل له حين أمر بحفر زمزم (?) :
ثم ادع بالماء الروي غير الكدر ... يسقي حجيج الله في كل مَبَر
... ... ليس يخاف منه شيء ما عمر".