ويشير السهيلي إلى ترابط النظم القرآني، معتمدا على نص من الحديث النبوي الذي يتكامل مع الآيات القرآنية في تحديد إطار الصورة التي تحدد مهمته عليه الصلاة والسلام، فيقول: "فإن قيل كيف ينتظم (يا أيها المدثر ((المدثر: 1) مع قوله (قم فأنذر ((المدثر: 2) ، وما الرابط بين المعنيين حتى يلتئما في قانون البلاغة؟ ويتشاكلا في حكم الفصاحة؟ قلنا من صفته عليه [الصلاة و] السلام ما وصف به نفسه حين قال: (أنا النذير العريان) (?) وهو مثل معروف عند العرب، يقال لمن أنذر بقرب العدو وبالغ في الإنذار: هو النذير العريان، وذلك أن النذير جاد يجرد ثوبه، ويشير به، إذا خاف أن يسبق العدو صوته، وقد قيل إن أصل المثل لرجل من خثعم، سلبه العدو ثوبه، وقطعوا يده، فانطلق إلى قومه نذيرا على تلك الحال، فقوله عليه [الصلاة و] السلام: (أنا النذير العريان) أي مثلي مثل ذلك، والتدثر بالثياب مضاد للتعري، فكان في قوله: (يا أيها المدثر (مع قوله: (قم فأنذر (والنذير الجاد يسمى العريان، تشاكل بين، والتئام بديع، وسماقة في المعنى، وجزالة في اللفظ" (?) .

وينوه أخيرا بالإعجاز الذي في كتاب الله، والذي مرده إلى نظم القرآن الكريم، وما فيه من سمو الكلام وجمال الاستعارة، فيقول: "وعرفوا من سماقة الكلام، وملاحة الاستعارة أنه معجز، فلم يتعاطوا له معارضة، ولا توهموا فيه مناقضة" (?) .

المبحث الخامس: قضايا نقدية عامة

عرض السهيلي لموضوعات نقدية كثيرة في كتابه، من ذلك:

أولا: الموازنة بين الشعراء

الموازنة بين الشعراء، ومعرفة مدى تقدم الواحد منهم على غيره، أو تقصيره دونه، أمر يعتبر من صميم عمل الناقد الأدبي، وقد مارس السهيلي في كتابه هذا اللون من النقد، فقد وازن بين قول حسان: (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015