وربما استدرك السهيلي على ابن هشام إغفاله للتحليل البياني للقرآن الكريم، كما ورد عند قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر) (الحجر: 94) قال ابن هشام: "فاصدع فرق بين الحق والباطل" (?) . وعقب السهيلي بقوله: "وشرح ابن هشام معنى قوله: اصدع شرحا صحيحا، وتتمته أنه صدع على جهة البيان، وتشبيه لظلمة الشك والجهل بظلمة الليل، والقرآن نور، فصدع به تلك الظلمة، ومنه سمي الفجر صديعا، لأنه يصدع ظلمة الليل، وقال الشماخ:

ترى السرحان مفترشا يديه ... ... كأن بياض لبته صديع

على هذا تأوله أكثر أهل المعاني" (?) .

والصدع هنا استعارة من صدع الزجاجة (?) ، ولم يصرح بها السهيلي، واكتفى بقوله: "وتشبيه لظلمة الشك والجهل بظلمة الليل، والقرآن نور" وهو ما يفيد معنى الاستعارة، لأن أصل الاستعارة هو التشبيه.

ويحقق السهيلي في احتمالات الرواية للأشعار، مبينا الفروق البيانية بينها، كما فعل عند قول أبي طالب في مدح قومه: (?)

ونحمي حماها كل يوم كريهة ... ... ونضرب عن أحجارها من يرومها

قال السهيلي: "ونضرب عن أحجارها من يرومها: أي ندفع عن حصونها ومعاقلها، وإن كانت الرواية أجحارها بتقديم الجيم فهو جمع جحر، والجحر هنا مستعار، وإنما يريد عن بيوتها ومساكنها" (?)

ويصحح السهيلي اشتقاق بعض الكلمات، ويرد بعضها إلى الاستعارة كما في كلمة الملاحة، يقول: "وأما معنى الملاحة، فذهب قوم إلى أنها من الملحة، وهي البياض، تقول العرب: عنب ملاحي، والصحيح في معنى المليح، أنه مستعار من قولهم: طعام مليح: إذ كان فيه من الملح بقدر ما يصلحه" (?) .

الاستعارة التمثلية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015