وإنْ كان ضمير الفاعل يعود على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو المخاطب في هذه الآية ف" تُطهرهم " حال من الفاعل؛ أي: مطهِّراً ومزكِّياً لهم بها؛ أي بالصدقة. والحمل على القطع والاستئناف فيه حلٌّ لهذا الإشكال؛ أي: أنت تُطهرهم وتُزكيهم بها، وقريب منه معنى التعليل؛ أي: لتطهِّرَهم وتزكِّيَهم بها، والله أعلم. وقيل: " لو قُرِئ بالجزم لم يمتنع في القياس" (128) .

وممَّا هو بسبيله، قوله تعالى: ?.. فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي..? (129) - في قراءة الرفع - وقرأ الكسائيُّ، وأبو عمرو بالجزم (130) ، وقال بعض العلماء: والرفع هنا أحسن من الجزم؛ وذلك من جهة المعنى والإعراب؛ أما المعنى فلأنه إذا رفع فقد سأل وليًّا وارثًا؛ لأنَّ من الأولياء من لا يرث، وإذا جزم كان المعنى: إنْ وهبته لي ورثني، فكيف يُخبر الله سبحانه بما هو أعلم به منه (131) ، وهذه الحجّة في ترجيح الرفع على الجزم - وإن كان الرفع هو الراجح - ليست بالحجة القوية؛ فقد جاء في الكتاب العزيز على لسان نوح عليه السلام: ? وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا ? (132) ، فكيف أخبر الله سبحانه وتعالى بما هو أعلم به منه؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015