ومنه قوله تعالى:? فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَّ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى ? (124) ؛ أي: غير خائف ولا خاشٍ، أو على الاستئناف؛ أي: وأنت لا تخافُ ولا تخشى. وقرأ الأعمش، وحمزة،وابن أبي ليلى: " لا تخفْ " بالجزم على جواب الطلب؛ أي: إنْ تضربْ لا تخفْ، أو على نهي مستأنف؛ أي: اضربْ ولا تخفْ.

ومما يقوى فيه الرفع على الاستئناف قولهم:"لا تذهبْ به، تُغْلَبُ عليه" (125) ؛ أي: فإنك تُغلبُ عليه. والجزم فيه قبيحٌ عند سيبويه؛ لأنَّه شبيهٌ بقولهم:" لا تدنُ من الأسدِ يأكلُك " وهو جائزٌ عند الكسائيّ والكوفيين كما سبق

ومنه: " قُمْ يدعوك " (126) الأمير؛ أي: قُمْ إنَّه يدعوك؛ فالرفع على الاستئناف فيه أقوى من الجزم على الجواب؛ ذلك لأنَّه لم يُرِدْ أنْ يجعل الدعاء بعد القيام، ويكون القيام سبباً له، وإنَّما أراد: قُمْ؛ لأنَّ الأميرَ يدعوك، فالدُّعاء سابق للقيام،لا مسبباً عنه. وإنْ أراد معنى: قُمْ إنْ قُمْتَ يدعُك الأمير، فيكون الدعاء مسبباً عن القيام، فيقوى فيه عندئذٍ معنى الجزم جواباً للطلب المتقدم.

ومن الأفعال المضارعة الواقعة بعد الطلب ما حُمل على الصفة، أو على الاستئناف، ويُلمح فيه معنى التعليل؛ من ذلك قول الحق تبارك وتعالى: ? خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ... ? (127) ، " تُطهرُهم " صفة للصدقة إنْ كان ضمير الفاعل يعود على الصدقة؛ أي: صدقةٌ مطهرةٌ ومزكيةٌ لهم، ويُبعده قوله " بها ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015