فهكذا ينبغي أن يكون الداعية متوكلاً على الله لا يخاف غير الله، لا تأخذه فيه لومة لائم، صبورًا على الأذى، محتسبًا الأجر من الله، عالمًا بأنّ النّاس لو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يرد الله أن يضروه به لم يستطيعوا، كما ينبغي له ألا يطلب أجرًا أي مالاً مقابل الدعوة إِلاَّ من الله تعالى تأسيًا بنوح الداعي الأَوَّل ثُمَّ بباقي الرسل صلوات الله وسلامه عليهم فإِنَّ ذلك منهج رسمه نوح (للدعاة مما احتوت عليه سورة هود، وذلك في قول الله جلّ وعلا حاكيًا عنه: (وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ ... ((?) ، تكرر هذا القول من نبي الله نوح، فقد ذكره الله عنه في سورة يونس حيث قال: (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ ... ((?) ، وحكاه عنه أَيضًا في سورة الشعراء فقال: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ((?) ، ثُمَّ تتابعت الرسل من بعده مقتفية إثره في ذلك فقال هود (: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ((?) ، وقال صالح (: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ((?) ، وقال هذه المقالة نفسها لوط وشعيب وغير ما ذكر من الأنبياء إلى أن وصلت الدعوة إلى نبينا محمَّد (فقال هذه المقالة، قال تعالى حكاية عنه: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ((?) ، وقال تعالى: (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي