وقد رسم نبي الله نوح منهجًا للدعاة في التوكّل على ربّه ينبغي لكل داع أن يقتفيه ويسلكه، فهو رغم انفراده في قومه وقلّة من آمن به منهم لم يثن ذلك عزيمته عن دعوتهم إلى الله وتحدِّيهم بأن يجمعوا أمرهم مع مالهم من الشركاء وأن يُنْهوا أمره ولا يمهلوه ساعة واحدة وما ذاك إِلاَّ من شدّة توكّله على ربّه وعلمه أَنَّهم لا يستطيعون أن يضروه بشيء لم يشأ الله تعالى أن يضروه به، وقد صوّر لنا القرآن الكريم هذا التوكل والتحدي في آية من سورة يونس فقال: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ ((?) . فالمعنى: يا قوم إن كان عظم عليكم مقامي فيكم ولُبْثي بين أظهركم وتذكيري إياكم بآيات الله أي بحججه القاطعة وبراهينه الساطعة فعلى ربي توكلت فإني لا أبالي بكم ولا أكفّ عن دعوتكم عَظُم ذلك عليكم أولا فأجمعوا أمركم مع شركائكم الَّذين تدعونهم من دون الله من أصنام وغيرها ولا تجعلوا أمركم ملتبسًا، بل وضّحوا حالكم معي، فإن كنتم تزعمون أنكم محقّون فاقضوا إليَّ ولا تنظرون واستريحوا مني ولا تؤخرون ساعة واحدة مهما قدرتم فافعلوا فإني لا أبالي بكم ولا أخاف إذْ لستم على شيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015