وما كان لهذه الشروط أن يرتكز عليها أهل السنة والجماعة لولا اعتمادها على نصوص الشريعة وأصولها، ولاسيما أن الأمر يختص بالقرآن الكريم، فما خالف هذه الشروط من أوجه القراءات فهو منسوخ أو باطل أو شاذ (?) ، ولا يمكن اعتقاد ذلك والحكم به إلا بدليل من القرآن والسنة، " إذ لا نسخ بعد انقطاع الوحي، وما نُسخ بالإجماع، فالإجماع يدل على ناسخ قد سبق في نزول الوحي من كتاب أو سنة" (?) ، وما يقال في النسخ يقال فيما شابهه من الأحكام المذكورة آنفا القاضية ببطلان ما خرج عن تلك الأصول، ولهذا قال العلماء:" القراءة سنة" (?) ، قال إسماعيل القاضي: (ت 282 هـ) في معنى ذلك:" أحسبه يعني هذه القراءة التي جُمعت في المصحف (?) ".
وقد عمل القراء بهذا الميزان إقراء وتأليفا في الحكم على القراءات، كما جاءت الإشارة إليه في أوائل مصنفاتهم، فقال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224 هـ) - وهو أول إمام معتبر جمع القراءات (?) بعد أن ناقش أحد أوجه القراءات علل حكمه بأنه اجتمعت له الشروط الثلاثة المذكورة، حيث قال: " اجتمعت له المعاني الثلاثة من أن يكون مصيبا في العربية وموافقا للخط وغير خارج عن قراءة القراء" (?) .
وعلى هذا الأساس اعتمد مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) ما يقبل من القراءات وما لا يقبل (?) .