فقام عثمان بن عفان الخليفة الراشد بكتابة المصاحف على اللفظ الذي استقر عليه العمل في العرضة الأخيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمشورة الصحابة رضي الله عنهم واتفاق منهم، فأخذ المسلمون بها وتركوا ما خالفها (?) .

ومن هنا ظهر العمل بالمقياس القرّائي الذي يعتبر شرطا أساسا في الحكم على القراءة، وهو موافقة الرسم العثماني، وكل قراءة خالفت هذا الرسم عند جمهور العلماء لا تُعدّ متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة (?) .

فلا تصح القراءة بما خالف الرسم العثماني من أوجه القراءة وإن صح نقلها، وهذا هو أحد الأركان الثلاثة لصحة القراءة، والركنان الآخران هما: ثبوت القراءة بالنقل الصحيح، وموافقتها للغة العربية.

أما شرط النقل فقد تقدم آنفا، وأما شرط العربية فمنشؤه من إنزال القرآن على لسان العربية، قال الله تعالى: (وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين ((?) .

ومقياس العربية أشبه بالوصف، لأن القراءة إذا صحت نقلا لزم أن تصح عربية.

وبعد: فيمكننا القول: إن شروط قبول القراءات التي اعتمدها أهل السنة والجماعة (?) كانت أصولها منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، واكتملت بالتحديد بعد العرضة الأخيرة، حيث لا تجوز القراءة إلا بما أقرأ به الرسول صلى الله عليه وسلم من أوجه القراءات واتصل به، ووافق ما رسم عليه المصحف على مقتضى العرضة الأخيرة، ووافق لغة القرآن، فلا جرم أن تلك الأركان مستقاة مما تواتر نقله عن الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا النحو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015