يضاف إلى هذا الموضوع وصف حيوانات الصحراء، ما كان منها مستأنسًا وغير مستأنس، ومن أظهر ذلك وصف الناقة التي تعد المركب الذلول لقاطن الصحراء، ووسيلته الأولى في قطع الفيافي واجتياز المفاوز الشاسعة، ولذلك أطلق عليها سفينة الصحراء؛ لأنها تقوى على السير الطويل والحمل الثقيل، في مختلف الأجواء، وتمكث أيامًا دون طعام أو ماء. ومن أبرز الشعراء الذين أثر عنهم شعر في وصف الناقة طرفة بن العبد البكري، الذي اشتمل ديوانه على نعوت كثيرة لها حتى إنّه يستحق أن يلقب بشاعر الناقة، وأشعاره التي قالها فيها جديرة أن تفرد ببحث مستقل. ولست أرى دابة لصيقة بالصحراء وطبيعتها مثل الناقة؛ لذلك أرى أن جميع الأوصاف التي خلعها طرفة وغيره من الشعراء عليها كانت من تأثير الصحراء، ولو بطريقة غير مباشرة. وتحظى معلقته بالنصيب الأوفر من الأبيات التي وظفها في وصف الناقة، فقد حظيت منه باثنين وثلاثين بيتًا من المعلقة (?) وحدها، فضلاً عن الأبيات المتفرقة في ديوانه (?) .
من ذلك قوله في وصفها (?) :
1- وإنِّي لأُمْضِي الهمَّ عند احْتِضَارِهِ
2- أَمُونٍ كألواحِ الإرَانِ نَسَأْتُهَا
3- جُمَالِيَّةٌ وَجْنَاءُ تَرْدِي كأنَّها
4- تُبَارِي عِتَاقًا نَاجِيَاتٍ وأتْبَعَتْ
بَعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تروحُ وتَغْتَدِي (?)