فدفع إلى كتاباً نظرت فيه، وقد جمع فيه الرخص من زلل العلماء، وما احتج به كل منهم، فقلت إن مصنف هذا زنديق، فقال: لم تصح هذه الأحاديث؟ قلت: الأحاديث على ما رويت، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح المسكر، وما من عالم إلا وله زلّة، ومن جمع زلل العلماء، ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد بإحراق ذلك الكتاب)) (?) ، وصحَّ مثل هذا الكلام عن طائفة من السلف (?) .
وهذا الكلام المنقول عن الأئمة محمول على إذا ما كان الخلاف غير سائغ، وآية ذلك أن الأئمة قد نُقل عنهم ما لا يحصى من المسائل، في جواز الأخذ برخص العلماء إذا كان مما يسوغ الاجتهاد فيه فقد صحّ أن الإمام أحمد سئل عن مسألة في الطلاق فقال: ((إن فعل حنث)) فقال السائل: ((إن أفتاني إنسان: لا أحنث)) فقال: ((تعرف حلقة المدنيين؟)) قلت: ((فإن أفتوني حلّ)) ، قال ((نعم)) ، وروي عنه روايات أنه سئل عن الرجل يسأل عن المسألة فأدله على إنسان، هل علي شيء؟ قال: ((إن كان متبعاً أو معيناً فلا بأس، ولا يعجبني رأي أحد)) (?) .
وعقد الخطيب البغدادي (?)